بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على ما حجر عنا حجارة ابن حجر وصير نار صواعقه رمادا بلا أثر فبهت الذي كفر وكأنه التقم الحجر والشكر على ما أيدنا بصوارم حجج قاطعة حاكمة فيما شجر وأعلمنا على الحق الذي لا يزدجر ولو ساقونا إلى سعفات هجر ثم الصلاة على سيد الوبر والمدر الذي سبح كفه الحصى واستلمه الحجر وعلى اثنتي عشرة عينا بإشارتهم إلى الحجر قد نبع الماء منه وانفجر وشهد بإمامتهم البيت والركن والحجر.
وبعد فإن الشيخ الجاهل الجامد الحامل للزجاج الكامل في نقص الفطرة وسوء المزاج أبو المدر ابن حجر الثاني الذي نشأ في حجر رخام الانحراف وبرام الاعوجاج وراج بمشاركته اسم الحافظ العسقلاني بعض الرواج قد أظهر في مقام إيراد الشبهة والاحتجاج غاية الحماقة واللجاج فلم يميز العذب الفرات الملح الأجاج ولا ضوء الصبح عن المظلم الداج ورام رمى الناس بالحجر مع كون بيته من الزجاج بل حاول بيد قاصرة اقتباس قبس الاحتجاج وقدم داحضة في ميادين الحجاج
صفحہ 2
معارضة المقتبسين عن مشكاة النبوة والولاية بالطبع الوهاج ومبارزة رجال المنايا وأسود الهياج المتدرعين بسوابغ ولاء أدلاء المنهاج المؤيدين بصوارم كأنها لذي الفقار نتاج مطفئة بحدة ماءها الأجاج حر صواعق كل متمجس أجاج فبادر إلى تسويد كتاب يستهزء به الألباب لبيان حقية خلافة أبي فصيل وابن الخطاب ومع احتوائه على المصادرة وسوء المكابرة وانطوائه على الأحاديث الموضوعة والآثار المصنوعة والإيرادات الباردة والاعتراضات الجامدة سماه بالصواعق المحرقة لمحا إلى أنه يحرق قلوب الشيعة ويخرق صدور تلك الفرقة الناجية الرفيعة وسيكشف ضوء ما قابلناه به من الصوارم المهرقة أنه لا يحرق إلا لحيته ولا يخرق إلا أليته والله يحق الحق ويهدي السبيل.
قال: أحرقه الله بنار صواعقه في خطبة كتابه المذموم الحمد لله الذي خص نبيه محمدا بأصحاب كالنجوم وأوجب على الكافة تعظيمهم واعتقاد حقية ما كانوا من حقايق المعارف والعلوم.
أقول: أشار بقوله أصحاب كالنجوم إلى ما رووا من قوله صلى الله عليه وآله أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم وفيه بحث سندا ومتنا أما أولا فلما قال بعض الفضلاء أولاد الشافعي في شرح كتاب الشفاء للقاضي عياض المالكي إن حديث أصحابي كالنجوم أخرجه الدارقطني في الفضايل وابن عبد في العلم من طريقه من حديث جابر وقال هذا إسناد لا يقوم به حجة لأن في طريقه الحارث بن غضين وهو مجهول ورواه عبد بن حميد في مسنده من رواية عبد الرحيم بن زيد عن أبيه عن المسيب عن عمر قال البزار منكر لا يصح ورواه ابن عدي في الكامل
صفحہ 3
من رواية حمزة بن أبي حمزة النصيبي عن نافع عن عمر بلفظ بأيهم أخذتم بدل قوله اقتديتم وإسناده ضعيف لأجل حمزة لأنه متهم بالكذب ورواه البيهقي في المدخل من حديث ابن عباس وقال متنه مشهور وأسانيده ضعيفة لم يثبت في هذا الباب إسناد وقال ابن حزم أنه مكذوب موضوع باطل وقال الحافظ زين الدين العراقي وكان ينبغي للمصنف أن لا يذكر هذا الحديث بصيغة الجزم لما عرفت حاله عند علماء الفن انتهى كلام شارح الشفاء وهو كاف شاف في الرد على أهل الشقاء وأما ثانيا فلأن المخاطبين في متن الحديث بلفظ اقتديتم واهتديتم إن كانوا هم الصحابة أو الصحابة مع غيرهم فلا يستقيم إذ لا مساغ للفصيح أن يقول لأصحابه أولهم مع غيرهم أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وهو ظاهر وإن كانوا غير الصحابة فهو خلاف الظاهر إذ الظاهر أن كل من خاطبة النبي صلى الله عليه وآله بهذا الخطاب المتبادر منه الخطاب الشفاهي كان بمرأى منه صلى الله عليه وآله فكان صحابيا ولو سلم ذلك لكان الظاهر إخبار راويه بأن الرسول صلى الله عليه وآله قال لجميع من أسلم غير الصحابة أصحابي كالنجوم الخ ولما لم يكن في روايتكم شئ من هذا التخصيص بطل ادعاؤكم في ذلك وأيضا يلزم على هذا التقدير أن كل من اقتدى بقول بعض الجهال بل الفساق من الصحابة أو المنافقين منهم وترك العمل بقول بعض العلماء الصالحين منهم مهتديا ويلزم أن يكون المقتدي بقتلة عثمان والذي تقاعد عن نصرته تابعا للحق مهتديا وأن يكون المقتدي بعايشة وطلحة والزبير الذين بغوا وخرجوا على علي عليه السلام وقاتلوه مهتديا وأن يكون المقتول من
صفحہ 4
الطرفين في الجنة ولو أن رجلا اقتدى بمعاوية في صفين فحارب معه إلى نصف النهار ثم عاد في نصفه فحارب مع علي عليه السلام إلى آخر النهار لكان في الحالين جميعا مهتديا تابعا للحق والتوالي بأسرها باطلة ضرورة واتفاقا والذي يسد باب كون عموم الصحابة كالنجوم ما قال الفاضل التفتازاني في شرح المقاصد من أن ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ والمذكور على السنة الثقات يدل بظاهره على أن بعضهم قد حاد عن طريق الحق وبلغ حد الظلم والفسق وكان الباعث عليه الحقد والعناد والحسد واللداد وطلب الملك و الرياسات والميل إلى اللذات والشهوات إذ ليس كل صحابي معصوما ولا كل من لقي النبي بالخير موسوما إلا أن العلماء لحسن ظنهم بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ذكروا لها محامل وتأويلات بها يليق وذهبوا إلى أنهم محفوظون عما يوجب التضليل والتفسيق صونا لعقائد المسلمين من الزيغ والضلالة في حق كبار الصحابة سيما المهاجرين منهم والأنصار المبشرين بالثواب في دار القرار انتهى ويتوجه على ما ذكره آخرا من تعليل ذكر العلماء المحامل والتأويلات لما وقع بين الصحابة بحسن ظنهم فيه أن بعد العلم بوقوع ما وقع بينهم لا وجه لحسن الظن بالكل إلا التعصب فيهم وإما من زعموه كبار الصحابة وعنوا به الثلاثة فهم أول من أسس أساس الظلم والعدوان بغصب الخلافة عن أهل البيت والإقدام بكيت وكيت وإنما صاروا كبارا بغصبهم الخلافة وحكومتهم على الناس بالجلافة ولهذا قال بعض علماء العامة كل زينته الخلافة إلا علي بن أبي طالب عليه السلام وروى هذا الشيخ الجامد في الفصل الثالث في ثناء الصحابة والسلف على علي عليه السلام
صفحہ 5
أنه لما دخل علي عليه السلام الكوفة دخل عليه حكيم من العرب فقال والله يا أمير المؤمنين لقد زينت الخلافة وما زينتك ورفعتها وما رفعتك وهي كانت أحوج إليك منك إليها انتهى وأما ما ذكره من البشارة لهم بالثواب في دار القرار فإن أشار به إلى حديث بشارة العشرة فهو موضوع لا يصح إلا في واحد منهم عليه السلام كما سيئاتي بيانه وإن أشار به إلى غيره من الأحاديث فلعل بعد ظهور صحته يكون بشارة الثواب فيه مشروطا بشروطه كما روي عن مولانا الرضا عليه السلام أنه لما سئل عن صحة رواية قوله صلى الله عليه وآله " من قال لا إله إلا الله وجبت له الجنة " فقال نعم بشروطها وأنا من شروطها أي من جملة شروطها الاعتقاد بإمامتي ووجوب طاعتي والحاصل أنه لا يتحتم بمجرد الصحابية الحكم بالإيمان والعدالة وحسن الظن فيهم واستيهالهم للاقتداء بهم والاستهداء منهم وذلك لأنه لا ريب في أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وآله مؤمنا به وموته على الإسلام وأن الإيمان والعدالة مكتسبان وليسا طبيعيين جبليين فالصحابي كغيره في أنه لا يثبت إيمانه إلا بحجة لكن قد جازف أهل السنة كل المجازفة فحكموا بعدالة كل الصحابة من لابس منهم الفتن ومن لم يلابس وقد كان فيهم المقهورون على الإسلام والداخلون على غير بصيرة والشكاك كما وقع من فلتات ألسنتهم كثيرا وكان فيهم شاربو الخمر وقاتلوا النفس وسارقو الرداء وغيرها من المناكير بل كان فيهم المنافقون كما أخبر به الباري جل ثناؤه ورواه البخاري في صحيحه وغيره في غيره وكانوا في عهده صلى الله عليه و آله ساكنين في مدينته يصحبونه ويجلسون في مجلسه ويخاطبهم ويخاطبونه و يدعون بالصحابة ولم يكونوا بالنفاق معروفين ولا متميزين ظاهرا قال الله سبحانه
صفحہ 6
" ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول " بل كان فيهم من يبتغي له الغوائل ويتربص به الدوائر ويمكر ويسعى في هدم أمره كما ذكره أبو بكر أحمد البيهقي في كتاب دلائل النبوة حيث أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وذكر الإسناد مرفوعا إلى أبي الأسود عن عروة قال لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من تبوك إلى المدينة حتى إذا كان ببعض الطريق مكر به ناس من أصحابه فأتمروا أن يطرحوه من عقبة في الطريق وأرادوا أن يسلكوه معه فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله خبرهم فقال من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم فأخذ النبي صلى الله عليه وآله العقبة وأخذ الناس بطن الوادي إلا النفر الذين أرادوا المكر به فاستعدوا وتلثموا وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر فمشيا معه وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة وأمر حذيفة أن يسوقها فبينا هم يسيرون إذ سمعوا ذكرة القوم من ورائهم قد غشوهم فغضب رسول الله وأمر حذيفة أن يردهم فرجعوا متلثمين فرعبهم الله حين أبصروا حذيفة وظنوا أن مكرهم قد ظهر وأسرعوا حتى خالطوا الناس وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وآله فلما أدركه قال له اضرب الراحلة يا حذيفة وامش أنت يا عمار فأسرعوا وخرجوا من العقبة ينتظرون فقال النبي صلى الله عليه وآله يا حذيفة هل عرفت من هؤلاء الرهط والركب أحدا؟ فقال حذيفة عرفت راحلة فلان وفلان وكانت ظلمة الليل غشيتهم وهم ملتثمون فقال صلى الله عليه وآله هل علمتما ما شأن الركب وما أرادوا؟ قالا لا يا رسول الله (ص) قال فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا اظلمت لي العقبة طرحوني منها قالا أفلا تأمر بهم يا رسول الله إذا جاءك
صفحہ 7
الناس فنضرب أعناقهم قال أكره أن يتحدث الناس ويقولون إن محمدا قد وضع يده في أصحابه فسماهم لهما ثم قال اكتماهم وفي كتاب أبان بن عثمان قال الأعمش و كانوا اثني عشر سبعة من قريش وعلى تقدير ثبوت الإيمان والعدالة يمكن زوالهما كما في بلعم صاحب موسى عليه السلام حيث قال سبحانه وتعالى " واتل نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هويه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون " وكان بلعم أوتي علم بعض كتب الله وقيل يعرف اسم الله الأعظم ثم كفر بآيات الله وكما وقع من الطامة الكبرى في سبعين ألفا من بني إسرائيل وأولاد الأنبياء الذين كانوا في دين موسى عليه السلام فارتدوا في حياته بمجرد غيبته عنهم مدة قليلة إلى الطور واستضعفوا وصيه هارون النبي ع وكادوا يقتلونه ويدفعونه باليد والرجل و اقتدوا بالسامري في عبادة العجل وإذا كان هذا حال هؤلاء النجباء من أولاد الأنبياء الذين لم يدنسهم سبق الشرك والكفر في حياة نبيهم ووجود نبي آخر ووصيه فيهم فما ظنك بحال جماعة مضى أكثر عمرهم في الكفر والجاهلية بعد وفات نبيهم مع أنه لم يكن يحصل لهؤلاء عن ذلك العجل الحنيد جاه أو مال عتيد وكان لمن وافق أبا بكر في غصب خلافة نبينا الحميد من طمع الجاه والمال ما ليس عليه مزيد فعقدوا لواء السلطنة بسيفهم خالد بن الوليد وسدوا لسان أبي سفيان بتفويض ولاية الشام إلى ولده يزيد ودفعوا فتنة زبير بما أراد وأريد وفوضوا غيرهم كمغيرة وأبا عبيدة حكومة صنعاء وزبيد إلى غير ذلك مما يطول به النشيد وإذا كان كذلك
صفحہ 8
فلا بد من تتبع أحوالهم وأقوالهم في حياة النبي صلى الله عليه وآله وبعد موته ليعلم من مات منهم على الإيمان والعدالة ومن مات ميتة جاهلية مثل أبي بكر الذي ادعى الإمامة ونص الكتاب والحديث المتواتر ودليل العقل ناطق بأنه حق علي عليه السلام ومنع فاطمة عليها السلام إرثها وكتاب الله ناطق بأن لها الإرث وقتاله لبني حنيف الملتزمين للدين الحنيف إلى غير ذلك مما يخالف الشرع الشريف وعمر الذي ادعى ما ادعاه وقال للنبي صلى الله عليه وآله في مرض موته من الهجر و الهذيان ما قال وفعل ما فعل من منع كتابته ص ما يصون الأمة عن الضلالة وإقدامه بتخريق الكتاب الذي كتبه أبو بكر لفاطمة عليها السلم في أخذها لفدك وقوله متعتان كانتا على عهد رسول الله حلالين وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما وإحداثه بدعة الجماعة في التراويح وتفضيل العرب على العجم في العطايا، إلى غير ذلك من الطوام التي لا تحملها المطايا، وعثمان الذي ولي أمور المسلمين وولى عليهم من لا يصلح لها مع ظهور فسقه وفساد حاله ودعائه حكم بن العاص طريد رسول الله صلى الله عليه وآله وإيوائه وإعطائه المال العظيم من بيت مال المسلمين رعاية لقرابته وإعراضا عن الدين وهتكا لحرمة سيد المرسلين وإيذائه لأبي ذر وعمار بن ياسر وابن مسعود وغيرهم من أكابر الصحابة الذين كانوا أسود الغابة وغيرها مما هو بهذه المثابة ومعوية الطليق الباغي الفاسق الذي مال عن علي وسم الحسن عليهما السلم وغير سنة النبي صلى الله عليه وآله في كثير من الأحكام حتى أنه كان يلبس الحرير فقال له ابن عباس رض: إن النبي صلى الله عليه وآله قال " إنه محرم على رجال أمتي " فقال هوانا: لا أرى به بأسا فقال ابن عباس: من عذيري من معاوية ابن
صفحہ 9
أبي سفيان أنا أقول له قال رسول الله وهو يقول أنا لا أرى به بأسا إلى غير ذلك من المناكير والأباطيل الصادرة عنهم التي لا يحتملها مقام المقال ويضيق عن ذكرها المجال وروى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم رفعوا إلي واختلجوا دوني فلأقولن أي أصيحابي أصيحابي فليقالن إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك انتهى ومثله مذكور في صحيح البخاري الذي هو أصح كتب الأحاديث عندهم في تفسير قوله تعالى: وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم الآية قال النووي شرح مسلم " أما اختلجوا فمعناه اقتطعوا وأما أصحابي فقد وقع في الروايات مصغرا مكررا وفي بعض النسخ أصحابي مكبرا مكررا وقال القاضي هذا دليل لصحة تأويل من تأول أنهم أهل الردة ولهذا قال فيهم سحقا سحقا ولا يقول في مذنبي الأمة بل يشفع لهم ويهتم لأمرهم قال وقيل هؤلاء صنفان أحدهما عصاة مرتدون عن الاستقامة لا عن الإسلام وهؤلاء مبدلون الأعمال الصالحة بالسيئة والثاني مرتدون إلى الكفر حقيقة ناكصون على أعقابهم واسم التبديل يشمل الصنفين انتهى.
وأقول: بل المراد بالمرتدين المحدثون في دين الله الغاصبون للخلافة والآكلون لمال فدك ظلما وجورا على فاطمة عليها السلم ولهذا قال فيهم في بعض الروايات سحقا سحقا فافهم وإذا كان الحال بهذا المنوال من الاختلال ووقع الارتداد من الصحابة فلا يجوز الحكم بالإيمان والعدالة لأحد منهم إلا إذا تحقق اتصافه بهما وموته عليهما ولا يعلم ذلك إلا بتتبع الأحوال واستقراء الآثار الدالة على بقاء الإيمان والعدالة أو الزوال قال الفاضل التفتازاني في التلويح " إن الجزم بالعدالة يختص بمن
صفحہ 10
اشتهر بطول الصحبة على طريق التتبع والأخذ عن النبي صلى الله عليه وآله والباقون كسائر الناس فيهم عدول وغير عدول " وقال الفقيه الأسنوي الشافعي " إن المراد من قول العلماء " الصحابة بأسرهم عدول مطلقا " أن مجرد الصحبة شاهد التعديل مغن عن البحث عنهم فإن ظهر عن أحد منهم ما يفضي إلى التفسيق فليس بعدل كسارق رداء صفوان ومن ثبت زناؤه ولذا غير بعضهم عبارتهم بأن قال: إنهم عدول إلا من تحققنا قيام المانع فيه وليس المراد من كونهم عدولا أنه يلزم اتصافهم بذلك ويستحيل خلافه فإن هذا معنى العصمة المختصة بالأنبياء عليهم السلام انتهى كلامه (1).
ومن العجب أنه زاد بعضهم في المجازفة والمخارفة فحكم بأنهم كلهم كانوا مجتهدين وهذا مما يقطع من له أدنى عقل بفساده لأنه كان فيهم الأعراب ومن أسلم قبل موت النبي صلى الله عليه وآله بيسير والأميون الذين يجهلون أكثر قواعد الأحكام وشرائع الدين فضلا عن الخوض فيه بالاستدلال كيف والاجتهاد ملكة لا تحصل إلا بعد فحص كثير وممارسة تامة بغير خلاف، وإمكان حصول التفقه والاجتهاد لهم لا يمنعه إلا أنه لا يقتضي الحكم بذلك لأنه خلاف العلم العادي والذي ألجأهم إلى هذا القول البارد السمج الناشئ عن العصبية ما قد تحققوه من وقوع الاختلاف والفتن بينهم وأنه كان يفسق ويكفر بعضهم بعضا ويضرب بعضهم رقاب بعض ، فحاولوا أن يجعلوا لهم طريقا إلى التخلص كما جوزوا الايتمام بكل بر وفاجر ليروجوا أمر الفساق الجهال من خلفائهم وأئمتهم.
وأما ثالثا فلما ذكر شارح الشفاء أيضا من أن للقائل بالمذهب المختار من أن
صفحہ 11
قول الصحابي ليس حجة مطلقا أن يقول الحديث وكان عاما في أشخاص الصحابة فلا دلالة فيه على عموم الاقتداء بهم في كل ما يقتدى فيه وعند ذلك فيمكن حمله على الاقتداء بهم فيما يروونه عن النبي صلى الله عليه وآله وليس الحمل على غيره بأولى من الحمل عليه انتهى ويؤيد وجوب ارتكاب التخصيص فيه أن هذا الشيخ الجامد المتولد من الحجر استحسن أن يكون المراد بأهل البيت الذين هم أمان في الحديث الذي أسبقنا نقله من علمائهم معللا بأنهم الذين يهتدى بهم كالنجوم ولا ريب أن استحسان التخصيص المذكور في ذلك الحديث يوجب استحسان مثله في هذا الحديث بطريق أولى وما ذكره من التعليل يقتضي وجوب التأويل بذلك كما لا يخفى ولنعم ما قال بعض الفضلاء رحمه الله تعالى:
* (شعر) * * (صحابه گر چه ايشان كالنجومند * ولى بعضي كواكب نحس شومند) * وإذا بطل الحمل على العموم بطل استدلالهم بذلك على استيهال الصحابة الثلاثة وأمثالهم للاقتداء بهم ووضع الخلافة فيهم والاستهداء منهم فوجب تنزيله على أصحابه صلى الله عليه وآله من أهل بيته عليهم السلام لدلالة الآية والرواية والاتفاق على عدالتهم وطهارتهم بل على علو عصمتهم فوجب الاعتصام بحبلهم المتين والاهتداء بهداهم المبين 2 - قال: فإني سئلت قديما في تأليف كتاب يبين حقية خلافة الصديق وأمارة ابن الخطاب فأجبت إلى ذلك مسارعة في خدمة هذا الجناب، ثم سئلت في إقرائه لكثرة الشيعة والرفضة ونحوهما الآن بمكة المشرفة أشرف بلاد الإسلام فأجبت إلى
صفحہ 12
ذلك رجاء لهداية بعض من زل به قدمه عن واضح المسالك.
أقول: أيها الشيخ الجامد، لعمرك ما زدت بذلك إلا إبراز زلة قدمك وإظهار جهلك المركب على الشيعة بحيث يضحكون على تأليفك هذا لما أشرنا إليه من ابتنائه على مجرد المصادرة وسوء المكابرة الذين أخذتهما بإرث التعصب من الأشاعرة.... لكن قد عمى منكم القلب والبصر والمسمار لا يؤثر في الحجر ثم إن أراد بالرفضة الغلاة من الشيعة الذين قالوا بألوهية علي عليه السلام أو نبوته فهم كانوا جماعة قليلة قد حكم ساير طوايف الشيعة أيضا بكفرهم بل بنجاستهم العينية وقد انقرضوا قبل خمسمأة من زماننا هذا وإن أراد به الشيعة الإمامية الذين هم عيون طوائف الشيعة المدار عليهم الطاعنين في خلافة المشايخ الثلاثة فليس في تلقبهم بهذا الأجل ما ذكر شناعة كما يشعر به سياق كلام هذا الشيخ الجاهل وأصحابه لأن مآل هذا الرفض يرجع عند التحقيق إلى رفض الباطل وهو اعتقاد صحه خلافة المشايخ الثلاثة وإنما الشناعة في أصل تلقب مخالفيهم بأهل السنة والجماعة فإن هذا القب قد وضع في زمان معاوية وأرادوا بالسنة سنة معاوية من سب علي عليه السلام على المنابر ونحوه من الكفر والبدعة وبالجماعة جماعته يشعر به ما سيذكره هذا الجامد في باب خلافة الحسن عليه السلام حيث قال " وكان نزول الحسن عن الخلافة في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين فسمى هذا العام عام الجماعة لاجتماع الأمة على خليفة واحدة انتهى ثم لما ظهر دولة بني العباس ومعاداتهم لبني أمية وأتباعهم خافوا عن الحمل على ذلك وقالوا مرادنا بالسنة سنة النبي وبالجماعة جماعة أصحابه فقد ظهر أنهم في الحقيقة أهل السنة والجماعة
صفحہ 13
لا أهل سنة النبي وجماعته ولنعم ما قال صاحب الكشاف فيهم:
* (شعر) * لجماعة سموا هواهم سنة * وجماعة حمر لعمري موكفة قد شبهوه بخلقه فتخوفوا * شنع الورى فتستروا بالبلكفة (1) 3 - قال: المقدمة الأولى، إعلم أن الحامل الداعي على التأليف في ذلك، وإن كنت قاصرا عن حقائق ما هنالك، ما أخرجه الخطيب البغدادي في الجامع وغيره أنه صلى الله عليه
صفحہ 14
وآله قال " إذا ظهرت الفتن (أو قال البدع) وسب أصحابي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله له صرفا ولا عدلا " أقول اعترافه بالقصور عن حقائق هذه المسألة حق كما سيظهر وليس فيه هضم نفس كما قد يتوهمه بعض أوليائه وما ذكره من الحديث فلا يصلح حاملا باعثا على تأليفه هذا، لجواز أن يكون المراد من البدع ما أبدعه خلفائه الثلاثة في دين رب العالمين كما أشرنا إليه سابقا وسيأتي لاحقا والمراد بمن سب من الأصحاب هم مولانا أمير
صفحہ 15
المؤمنين عليه السلام ومن تابعه من المهاجرين والأنصار فإن معاوية ومن بعده من فراعنة بني أمية سبوهم على منابرهم ثمانين سنة كما هو المشهور المذكور على السنة الجمهور.
4 - قال: والطبراني " من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام ".
أقول: هذا حجة عليه لا له حيث وقر في كتابه هذا جماعة هم أول من أبدعوا في دين الإسلام بل حجة على الصحابة الذين وقروا الثلاثة ومكنوهم من غصب الخلافة وإحداث فنون البدع والكثافة.
5 - قال: وسيتلى عليك ما تعلم منه علما قطعيا أن الرافضة والشيعة ونحوهما من أكابر أهل البدعة.
صفحہ 16
أقول: لعمرك، هذا العلم إنما حصل لك من فرط تقليدك للآباء والأمهات ونموك في عداوة أهل الحق من شيعة الأئمة الهداة، وإلا فالاستدلال على ذلك بما نسجته من الطامات والأحاديث الموضوعات، التي وضعها أمثالك لنصرة المذهب، لا يصير حجة على الخصم ولا يورث ظنا ضعيفا فضلا عن العلم القطعي ولو سلم أنها من أكابر أهل البدعة فأكبرهم أكابر خلفائك الثلاث وسينجلي لك أن ما ذكرته مكابرة إن شاء الله تعالى.
6 - قال: وأخرج المحاملي والطبراني والحاكم عن عويمر بن ساعد أنه صلى الله عليه وآله " قال إن الله اختارني واختار لي أصحابا فجعل لي منهم وزراء وأنصارا وأصهارا فمن حفظني فيهم حفظه الله ومن آذاني فيهم آذاه الله.
أقول: لو صح هذا الحديث فالمراد بالوزراء فيه علي عليه السلام والجمع للتعظيم كما قاله المفسرون فيما نزل في شأنه ع من قوله تعالى " والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " إذ لم يتعدد وزيره صلى الله عليه وآله كما هو الأصل بل كان واحدا هو علي عليه السلام عند الشيعة ولو سلم أن المراد غيره فهو من الأنصار لما سيذكر هذا الرجل في الفصل الأول من الباب الأول رواية عن أحمد ما يدل على حصر الوزارة في الأنصار وعلى هذا يكون لفظ الأنصار في هذا الحديث بمنزلة عطف تفسير للوزراء فافهم وكذا الكلام في الأصهار لظهور أن الأصهار على تقدير تسليم كون عثمان صهرا للنبي ص أيضا لا يبلغ مرتبة الجمعية بالاتفاق
صفحہ 17
7 - قال: وأخرج هو يعني أبا ذر الهروي والذهبي عن ابن عباس مرفوعا " يكون في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام فاقتلوهم فإنهم مشركون.
أقول: بعد منع صحة السند قد مر أن الكلام في هذا المبحث في كل عصر إنما كان مع الشيعة الإمامية دون من لا يعبأ بهم من الغلاة، ومن الظاهر الذي لا يخفى على كل أحد أن الإمامية لا يقولون بتعدد الآلهة ولا بألوهية أحد من الأئمة المعصومين عليهم السلام حتى يكونوا مشركين فلو صح الحديث كان المراد من الرفضة المذكورة فيه الغلاة من الشيعة الذين يفرطون في حب علي عليه السلام إلى أن يعتقدوا الربوبية فيه كما يدل عليه الحديث الذي سيذكره بعد ذلك بقوله: وأخرج الدارقطني عن علي كرم الله وجهه عن النبي صلى الله عليه وآله " سيأتي من بعدي قوم لهم نبز يقال لهم الرافضة فإن أدركتهم فاقتلهم فإنهم مشركون، قال قلت يا رسول الله ما العلامة فيهم؟ قال يفرطونك بما ليس فيك ويطعنون على السلف " انتهى بل المراد بالرفضة كلما وقع في آثار السلف هم الغلاة وجعله شاملا للشيعة الإمامية تعنت من مخالفيهم وأما قوله " ويطعنون على السلف " فمن إضافات الخلف فهو خلف باطل كما لا يخفى.
8 - قال: الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنه " من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ".
أقول: الظاهر أن المراد سب جميع الأصحاب بحيث يدخل فيه المقبول
صفحہ 18
منهم والمردود على أن يكون الإضافة في أصحابي للاستغراق ولا كلام في أن ساب الجميع ملعون بل الظاهر أن المراد كون السب لأجل الصحابية لا لأجل استحقاق ذلك الصحابي لذلك وهذا يرجع إلى عداوة النبي صلى الله عليه وآله ولا ريب في أن عداوة النبي صلى الله عليه وآله يوجب اللعن وأيضا المراد من السب الشتم والقذف دون للعن الذي ربما يرتكبه الشيعة بالنسبة إلى بعض المردودين من الصحابة ولا خفاء في أن الشتم لا يحل بالنسبة إلى كافر ذمي فضلا عن مسلم أو من ظاهره الإسلام وأما اللعن فهو دعاء من المظلوم أو من وليه على الظالم وليس بممنوع شرعا بل قد يستحب كما صرح به الفاضل النيشابوري في تفسيره ويدل عليه اللعن الجاري في الشرع بين المتلاعنين المسلمين بل الصحابيين بنص الكتاب وقوله صلى الله عليه وآله " لعن الله المحلل والمحلل له " مع جواز التحليل بنص الكتاب أيضا غاية الأمر أنهما ليسا بحسنين في شرع التكرم كما لا يخفى تدبر.
9 - قال: الطبراني والحاكم عن جعدة عن هبيرة نقلا (يعني عن النبي) " خير الناس قرني الذي أنا فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم والآخرون أراذل " ومسلم عن أبي هريرة " خير أمتي القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم الحديث ".
أقول: بعد الاغماض عما في السند لا دلالة لهذين الحديثين وأمثالهما مما تركنا ذكره على ما قصده هذا الرجل من خيرية جميع الناس الموجودين في قرن النبي ص حتى بعض الصحابة الذين حكم عليهم الشيعة بكونهم أشرارا فإن قولنا قريش
صفحہ 19
أفصح العرب وأكرمهم مثلا لا يقتضي لغة وعرفا يكون كل واحد من آحاده كذلك لظهور وجود الآحاد المتصفة بأضداد ذلك من الغي واللؤم فيهم بل قد أطبقوا على أن طائفة تيم قوم أبي بكر قاطبة من أراذل قريش وقد نقلوا النص على ذلك عن أبي سفيان وغيره عند البيعة على أبي بكر على أن هذا الحديث معارض بما رواه هذا الجامد في أواخر كتابه عند بيان وقوع الخلاف في التفضيل بين الصحابة ومن جاء بعدهم من صالحي هذه الأمة حيث قال ذهب أبو عمر بن عبد البر إلى أنه يوجد فيمن يأتي بعد الصحابة من هو أفضل من بعض الصحابة واحتج على ذلك بخبر عمر قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وآله قال: أتدرون أي خلق أفضل إيمانا؟
قلنا الملائكة قال وحق لهم بل غيرهم قلنا الأنبياء قال وحق لهم بل غيرهم ثم قال صلى الله عليه وآله أفضل الخلق إيمانا قوم في أصلاب الرجال يؤمنون بي ولم يروني فهم أفضل الخلق إيمانا " وبحديث " مثل أمتي مثل المطر لا يدرى آخره خير أم أوله " وبخبر " ليدركن المسيح أقواما إنهم لمثلكم أو خير ثلاثا " الحديث وقال صاحب الاستغاثة في بدع الثلاثة: إن مضمون هذا الحديث مخالف لحقائق النظر، خارج عن العدل والحكمة، وذلك لأنه إن كان خيريتهم وفضلهم من جهة تقدم خلقهم في الأزمنة المتقدمة لما بعدها فقد زعموا أن أمة محمد صلى الله عليه وآله أفضل من من الأمم التي مضت قبلها، وأن محمدا ص أفضل من الأنبياء عليهم السلام الذين
صفحہ 20
تقدموه قبل عصره وكان الواجب على طرد هذه العلة أن يكون كل أمة أفضل من التي تأتي بعدها فلما أوجبوا آخر الأمم أفضل ممن تقدمهم وآخر الأنبياء أفضل ممن تقدمه كان لا معنى لهذا الخبر في تفضيل القرن الأول على القرن الثاني من هذه الأمة، بل يجب في النظر والتميز وما يلزم من أحوال ما نقل إلينا من سيرة من تقدم عصرنا هذا أن يكون من تأخر أفضل ممن تقدم منهم وذلك أنا وجدنا القرن الذي كان في عصر الرسول والقرن الذي كان بعده والقرن الثالث ممن كان في في عصر الفراعنة والطواغيت من ملوك بني أمية الذين كانوا يقتلون أهل بيت الرسول، ويسبون أمير المؤمنين عليه السلام ويلعنونه على المنابر، وأهل عصرهم من فقهائهم وحكامهم إلى غير ذلك منهم فهم على ذلك متبعون وبأفعالهم مقتدون وبإمامتهم قائلون ولهم على ذلك معينون بوجوه المعونة من حامل سلاح إلى حاكم إلى خطيب إلى تاجر إلى غير ذلك من صنوف الأمة وأسباب المعونة ولسنا نجد في عصرنا هذا من كثر من ذلك شيئا بل نجد الغالب على أهل عصرنا هذا الرغبة عن ذلك والذم لفاعله والتنزه عن كثير منه إلا من لا يظهر بمذهبه بينهم فيجب أن يكونوا في حق النظر أفضل من أهل ذلك العصر الذي كانت هذه صفتهم قال: فإن قالوا أن أهل عصر الرسول لأجل مشاهدتهم له ومجاهدتهم معه أفضل وكذلك سبيل من شاهدهم من بعد الرسول من التابعين ونقلوا إلينا العلوم والأخبار عنهم ومنهم قيل لهم أليس كل من تقدم خلقته في ذلك العصر فهو فعل الله فلا حمد للمتقدم في تقدم خلقه ولا صنع له في ذلك ولا فعل يحمد إليه ولا يذم منه فلا بد من نعم فيقال لهم أفتقولون إن الله تعالى يحمد العباد على أفعاله ويذمهم عليها؟ فإن قالوا ذلك جهلوا
صفحہ 21