صنائع و مدارس حربیہ فی عہد محمد علی باشا
الصنائع والمدارس الحربية في عهد محمد علي باشا
اصناف
كان الزجاج يصنع في مصر قبل ولاية محمد علي، إلا أن مصنوعاته فضلا عن رداءتها كانت لا تفي بحاجة القطر؛ فأنشأ لذلك مصنع الزجاج بالإسكندرية، وجاءت مصنوعاته كمثيلاتها بأوروبة، واستعملت في سائر أنحاء البلاد، ثم أنشأ معملا آخر للزجاج على مسافة قريبة من ضفاف المحمودية، وعلى بعد بضعة فراسخ من الإسكندرية بالجهة التي تعرف الآن بمعمل الزجاج.
ويفكر الوالي في إنشاء غابة من الأشجار بالقرب من هذا المعمل الجديد ليتخذ الوقود اللازم له منها.
هذا وفي البلاد مصانع أخرى - أنشئت حديثا - لتحضير النيل «النيلة»، ومعاصر لأصناف الزيوت ضربنا عن ذكرها بالتفصيل صفحا.
وقد أتينا في رسالتنا «الجيش المصري البري والبحري» على ذكر دار الصناعة بالإسكندرية «الترسانة» وما فيها من مختلف الصناعات لبناء السفن. وسنذكر في الرسالة الآتية معمل البارود بالروضة، ومسبك بولاق الكبير، فاستغنينا بذلك عن ذكرها هنا.
الفصل الثاني
المدارس الحربية والمعامل العسكرية
كتبنا منذ أمد قصير رسالتنا في الجيش المصري البري والبحري في عهد محمد علي، وكان ذلك على أثر ما نشر في بعض الجرائد عنه، تنويها بما كانت تملكه مصر في ذلك الحين من القوة العسكرية التي صانت بها بيضتها، وذادت عن حياضها، وفتحت ما جاورها من الممالك. وقد اطلعنا أخيرا على بحث في إحدى جرائدنا أيضا عن المدرسة الحربية الوحيدة التي تملكها مصر الآن، يراد به بيان ما هي عليه من القصور، وما يجب أن يكون فيها إذا أريد إصلاحها، فلفت ذلك نظرنا إلى ما كان لمصر في عهد جدنا الأعظم محمد علي من المدارس الحربية المتنوعة، والمعامل العسكرية المتعددة، ورأينا في نشر ذلك على الجمهور المصري تذكيرا بأوليتهم، وتعريفا بماضيهم القريب يجب أن يكونوا على بينة منه.
وقد ترجمنا هذه الفصول من كتاب مانجان، قنصل فرنسا الجنرال بمصر في عهد محمد علي؛ لأنه أوفى ما كتب في هذا الصدد، وهو كتاب مشاهد رأى بعيني رأسه ما دونه، فهو من هذه الجهة وثيقة تاريخية قيمة، وتحفة ثمينة من كنوز تاريخ مصر الحديث، في أيام محييها ومنشئها محمد علي، يجدر بأبناء الجيل الحاضر أن يدرسوها ويحيطوا بها علما، حتى يقفوا على سر تلك النهضة الفائقة التي رفعت مكانة مصر بين العالمين في ذلك الحين، وجعلت الغربيين يرمقونها بعين الإكبار، ويدونون أخبارها باهتمام عظيم فاق اهتمام بنيها أنفسهم.
ولعل القارئين لهذا الأثر، وفيه ما فيه من ذكرى صالحة تستنهض الهمم الراقدة، يسترشدون بهذا الماضي المجيد في حياة مصر الحاضرة والمستقبلة، ويجعلونه نورا بين أيديهم، قال مانجان في كتابه «تاريخ مصر في عهد محمد علي»: (1) المدارس الحربية والمعامل العسكرية
إذا أراد صاحب البلاد أن يكون لها جيش على النظام الحديث، مؤلف من المشاة والفرسان ورجال المدفعية، فإن هذا الجيش يحتاج إلى مدارس تقوم بمهمة تخريج الضباط اللازمين لمختلف هذه الأسلحة، وإلى مستشفيات تعتني بأفراده إذا مرضوا، ولا بد فضلا عن ذلك أن تكون له إدارة حربية تشرف على هذا العمل العظيم؛ إذ بدونها لا يتأتى وجود جيش منظم.
نامعلوم صفحہ