317

صفوة الاختيار في أصول الفقه

صفوة الاختيار في أصول الفقه

اصناف

فصل: في الإستحسان

حكى شيخنا رحمه الله تعالى إكثار المتقدمين والمتأخرين في هذا الباب، قال: وربما تقل الفائدة في ذكره وجملته أن القول بالإستحسان مذهب أصحاب ح، واختيار الشيخ أبي عبدالله، وظاهر مذهب أصحابنا.

وتكلم شيخنا رحمه الله في تصحيحه في لفظه ومعناه، وحكى الخلاف في ذلك عن الشافعي وبشر المريسي، وقد ظن كثير ممن أنكر الإستحسان أنه حكم بغير دلالة بل هو حكم شهوة النفس واختيارها، وهذا باطل بما نبينه إن شاء الله تعالى، وقد حصل المتأخرون من أصحاب أبي حنيفة أن الإستحسان هو العدول عن أن يحكم في الحادثة بحكم نظائرها لدلالة تخصها، وهذا مما ظنه مخالفوهم؛ لأنه أليق بأهل العلم، ولأن أهل المقالة أعرف بمقالتهم ومعاضد أسلافهم، ولأنهم قد نصوا على مسائل الإستحسان في الكتب فكان المعلوم فيها ما ذكرنا عنهم.

منها: أنهم ذكروا أنه لا فرق بين قول القائل: جعلت مالي صدقة في سبيل الله تعالى، وبين قوله: جعلت ملكي صدقة في سبيل الله، من جهة القياس، إلا أنهم استحسنوا أن يحمل قوله: جعلت مالي صدقة على الأموال التي تجب فيها الزكاة لقوله سبحانه: {خذ من أموالهم صدقة } [التوبة:103]، فعدلوا عن القياس في هذا الموضع إلى الإستحسان الذي هو موجب الآية.

صفحہ 342