فصل كيفية صلاة رسول الله ﷺ -
كان النبي ﷺ: إذا فرغ من القراءة سكت قليلًا ثم كبر ورفع يديه، وركع وثبت كفيه علي ركبتيه، وجافى مرفقيه عن جنبيه وسوي ظهره ورأسه من غير رفع ولا تنكيس وقال: "سبحان ربي العظيم" ثلاثًا، وفي بعض الأحيان كان يضم إلى ذلك: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" (١) وقد يقتصر على هذا.
وطول ركوعه في الغالب كان قدر قول القائل: "سبحان ربي العظيم" عشر مرات والسجود قريب من ذلك، وأما حديث البراء في الصحيحين: رمقت الصلاة خلف رسول الله ﷺ فكان قيامه، وركوعه، واعتداله، وسجدته، وجلسته، ما بين السجدتين قريبًا من السواء. فإنه محمول علي أنه كان يطول الركوع والسجود حيث كان القيام طويلًا ويخفف الركوع والسجود حيث كان خفيفًا.
وهذا التأويل متعين، لأنه كان أحيانا يقرأ سورة الأعراف، فلو كان الركوع والسجود والجلسة مقدار ذلك لتمت الصلاة في نصف الليل، لكن في الصحيح أنه كان ركوعه وسجوده في بعض الأحيان قريبًا من القيام، كما في صلاة الخسوف، والكسوف، وفي التهجد أحيانًا إلا أنه كان غالب حاله الاعتدال كما بيناه.
وكثيرًا ما كان يقول في ركوعه وسجوده: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" (٢) وفى بعض الأحيان كان يقول: "اللهم لك ركعت، ولك خشعت،
_________
(١) رواه البخاري في كتاب الأذان (١٣٩) التسبيح والدعاء في السجود وحديث رقم (٨١٧) فتح الباري (ج ٢ ص ٢٩٩)، ومسلم في كتاب الصلاة باب ما يقال في الركوع والسجود حديث رقم (٤٨٤ - ج ١ ص ٣٥٠). وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الدعاء في الركوع، والسجود حديث رقم (٨٧٧ - ج ١ ص ٢٣٢)، والنسائي (ج ٢ ص ٢١٩) في كتاب الافتتاح، باب الدعاء في السجود.
(٢) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي، وأورده الشوكاني في نيل الأوطار (ج ٢ ص ٢٤٦) في ذكر الركوع.
1 / 33