الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
اصناف
اعلم يا ولدي العزيز، أنه بعد أن عاد أبوك من عند المركيزة بثمانية أيام، خطفوك من منزلي وبقي سر اختطافك دهرا طويلا مكتوما عني حتى حسبتك في أعداد الأموات.
وكان عمرك حين اختطافك عشرة أعوام، وكنت تحب في ذلك العمر أن تنام في غرفة وحدك.
وفي أحد الأيام دخل الخادم إلى غرفتك كي يوقظك ويمرنك على ركوب الخيل كما كنت تحب، فلم يجدك فيها، وبحث عنك في الحديقة وفي كل مكان من القصر دون أن يقف على أثرك.
وكان أبوك غائبا عن باريس في تلك الليلة، وأخبرت البوليس بأمر اختطافك فذهبت أبحاثه عبثا، وكتبت إلى أبيك أخبره بهذه المصيبة فوردني منه كتاب لم يظهر فيه شيئا من عواطف الوالدين، على أنه عاد من سفره بعد شهر فرأيت أن شعوره قد ابيضت، وحسبت أن ذلك كان تأثير تلك المصيبة، ولكنه منذ ذلك العهد لم يكلمني كلمة إلا أمام الناس، ولم ينظر إلى أختك نظرة حنو، ولم يذكر اسمك مرة في خلال هذه المدة الطويلة التي بلغت ستة عشر عاما.
وفي أوائل العام الماضي لزم الفراش لانحراف ألم به، ثم اشتدت وطأة علته فلم يكن يؤذن لي ولأختك أن ندخل إلى غرفته، إلى أن وسطت في ذلك أحد القسيسين، فأذن لي بالدخول إليه وهو في حالة الاحتضار، وقال: لقد دنت ساعة الموت ولا أحب أن ألقى الله وفي قلبي أثر من الحقد، ولذلك فإني أصفح عنك.
فاضطربت حواسي وقلت له: إن الصفح يكون عن المجرمين، فأي ذنب ارتكبته؟
وقد كانت لهجة الصدق ظاهرة من ملامحي، فتأوه وقال: رباه! ألعل المركيزة كانت كاذبة نمامة؟
ثم أخذ رسالة من بين أوراقه كتبتها إليه المركيزة قبل وفاتها بيومين، ودفعها إلي وهو يقول: اقرئي هذه الرسالة. فأخذت الرسالة بيد مرتجفة وقرأت فيها ما يأتي:
يابن عمي العزيز
إن ولدي العزيز هكتور قد جعلك وريثا لجميع أمواله، فحسبت لبساطة قلبك أنه جعلك الوريث الوحيد دون أخته ودوني لأن هذا الإرث من حقك، على أنه لم يخصك بإرثه لهذا السبب، بل إنه أراد أن يحرم أخته التي أربيها في منزلي بصفة قريبة، وما هي في الحقيقة إلا ابنتي، ثم إن هناك سببا ثانيا وهو أنه كان يحب امرأتك، وهو لم يدفع أمواله إليك بل لابنته التي تحسب أنها ابنتك. أما وقد اعترفت لك بالحقيقة، فأرجو أن تعتني بأمر ابنتي من بعدي، فإنها باتت صبية، وما تركته لها قد لا يكفيها.
نامعلوم صفحہ