الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
اصناف
غير أن هذا الفارس لم يتجاوز الدير؛ فإنه حين وصل إلى دكانه أوقف الجواد، ونادى داغوبير فقال له: أهنا الدير الذي يدعونه دير أبناء الله أيها الصديق؟ - نعم يا سيدي. - ألا يزال الأب جيروم رئيسه؟ - نعم.
وكان أمام هذا الفارس على الجواد فتاة صغيرة، فحملها بين يديه وترجل عن الجواد وهو ينظر إلى الفتاة نظرة حنو وإشفاق، ثم دخل بها إلى دكان الحداد دون أن يهتم بجواده، ووضع الفتاة برفق قرب النار؛ فإن البرد كان شديدا قارصا.
وكانت الفتاة زرقاء العينين بارعة الجمال شقراء الشعر، فجعل داغوبير ينظر إليها معجبا بهذا الجمال الملائكي.
أما الفارس فقد كانت علائم الاضطراب بادية بين عينيه، فالتفت إلى داغوبير وقال له: أرجوك أيها الصديق أن تقرع باب الدير؛ إذ يجب أن أقابل الأب جيروم في الحال.
فقال له داغوبير: إني لو قرعت الباب ساعة لما فتحوه. - لماذا؟ - لأن الرهبان منشغلون الآن بصلاة الفجر، ونظام الدير لا يأذن بفتح الباب قبل انتهائها.
فأجابه بلهجة الجازع: ولكن لا بد من مقابلة الرئيس. - يستحيل ذلك يا سيدي قبل انتهاء الصلاة، وهي لا تنتهي إلا حين شروق الشمس فيفتح الباب.
فتنهد الفارس وقال: وأنا يستحيل علي الصبر، وا أسفاه! إذ يجب أن أكون عند شروق الشمس بعيدا عن هذا المكان.
وكان هذا الفارس في الخمسين من عمره، تدل ملابسه على أنه من نبلاء الريف، وهي من المخمل الأصفر مزدانة بشرائط من الفضة ، وكانت الوحول قد اتصلت بها مما يدل على أنه اجتاز مسافة عظيمة.
وكانت الفتاة قد جلست على كرسي قرب النار، فلما دفئت تثاقل جفناها فأطبقتهما ونامت.
فأشفق داغوبير عليها وقال للفارس: أتأذن لي أيها النبيل أن أصعد بها إلى سريري فتنام فيه مرتاحة؟
نامعلوم صفحہ