============================================================
اصلاحه) اي القلب، اذ متى صلح صلح الجسد كله واسلمت له النفس وافوى والشيطان فلا يوسوس فيه، (و) هدانا الى (رفع حجاب الغفلة عنه) (و) هدانا الى (مقام كمال الاحسان وهو) اي الاحسان، (ان تعبد الله كأنك تراه)، بهذا حث على طلب شدة الحضور بان تراه سبحانه فيحسن ادبك معه وتعطي العبادة حقها (قان لم تكن تراه) في هذا التعبير تجويز رؤيته سبحانه وتعالى في دار الدنيا لبعض خواصه ولهذا لم يقل فانك وان لم تكن تراه (فانه يراك) فالاعمى الجالس بحضرة بصير يراه لا جرم يتأدب له كأدب البصير بعد ان يعلم انه في مراى ممن يبصره ، وقدورد الاحسان ان تعبد الله الحديث والى هذا المقام الاشارة بقوله تعالى، ثم اتقوا وأحسنوا الآية (واعلموا ان حصول اليقين والاطمينان بذكره) سبحانه وتعالى اما اليقين فلكون الذاكر يلحظ المذكور على الدوام فيكون ذلك سببا للتجليات الالهية عليه فيحصل له اليقين بذلك واما الاطمئنان فلكون الحق سبحانه فطر القلب على حبه والتعشق له ولذلك قال تعالى (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) فلا يطمتن العاشق الا بذكر معشوقه فمن لم تسترح نفسه بذكر الله وتطمثن به فقلبه مريض مؤف منحرف المزاج فلا يعد في جملة القلوب، قال تعالى، ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب . ومعلوم ان احدا لا يكون بلا قلب غير ان القلب الفاسد ينزل منزلة عدم وجوده ثم بين السبب في عدم حصول اطمئناتنا بذكر الله فقال (اما الآن) اى في هذا الزمان المشوب بالظلم والعدوان (فقد امتلأت قلوينا من العيوب) وهي نكات الذنوب الرائنة على القلوب (واحتجب ايماننا بحجب ظلمة الغفلة) (و) حجب (نسيان ذكر الله العالم بالغيوب) المطلع على احوال القلوب (وغلبت على قلوينا القسوة) بمشاهدة الفسوق والعصيان وكثرة الزور والبهتان حتى هان على القلوب مشاهدة كبائر الذنوب (والبلية واللغوب) هو نصب الخطايا والذنوب ووصب قسوة القلوب فان الفجار في تعب ومشقة ولكن لا يشعرون بعذاب الطرد والتبعيد بل الذين كفروا في العذاب والضلال البعيد (وقد طردنا عن معرفته تعالى شأنه طغيان النفس) الامارة بالسوء فمن طفى واستكبر صرف عن ايات معرفة ربه، قال تعالى، سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق، (والرذائل) كذلك طردتنا عن ذلك (و) كذلك (اشتغالنا بهوانا والذنوب) اي موجباتها من حب الدنيا واتباع الشهوات (حتى فسدت بها اجسادنا) فضلا عن قلوبنا (وهلكتا في تيه الضلال فلا نفرق بين الحرام والحلال) لان القلب متى فسد واستولى سلطان شهوة النفس عليه التبس عليه الحرام بالحلال فكانت الامور عليه متشابهة
صفحہ 56