============================================================
ويا اهل الدين والايمان) تواضع رضي الله عنه فجعل الجميع اخوانه مساوين له من كل جهة وذكرهم بندائه بانهم اهل الدين والايمان فمثلهم من يصغي الى التصائح ويرغب في مماعها (ارفعوا رؤوسكم عن مخدة الغفلة التى حصلت بصحبة الجهلة) شبه قدس سره هيثة المهمل بسبب غفلته بهيثة النائم الواضع رأسه على المخدة بجامع ان كل واحد متهما غير شاعر بما يراد منه ويين ان سبب تلك الغفلة صحبة الجهلة وهو كذلك، فان المرأة من جلسائه، وكل ضلال من صحبة الجهال، قال تعالى مشيرأ الى هذا المعنى، فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين، وقال حكاية عن من ضل بالصحبة، يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد اضلني عن الذكر بعد اذ جاءتي، وفي هذا الباب آيات كثيرة واحاديث شهيرة لا حاجة الى ذكرها (واعملوا لأخرتكم في يوم المهلة) قبل ان تخطفكم المنية فجأة ووهلة فلم تجدوكم قدمتم لانفسكم اعمالا بها تسعدون يوم لا ينفع مال ولا بنون (لقد خلق الله لكم الاعين فلم لا تبصرون) فان الاعين لم تخلق الا لتبصر آيات الله فيستدل بها على الصانع الحكيم الخالق الكريم [و] خلق لكم (السمع فلم لا تسمعون) والسمع انما خلق لتسمع به المواعظ الالهية الموصلة الى معرفته سبحانه (و) خلق لكم (الفؤاد فلم لا تفقهون) عن ربكم وما ورد عليكم في كتابه وعلى لسان اتبيائه واوليائه واحبابه فلا تكونوا كمن قال تعالى فيهم، هم آذان لا يسمعون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم قلوب لا يفقهون بها اظننتم انكم لا تسألون عنها (ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا) اي يسأل صاحبها يوم القيامة اصرف قواها لما خلقت له واستعملها في الطاعات ام اهملها سائمة في المعاصي والشهوات (وجعل لكم الموت فلم لا تتذكرون كل نفس ذائقة الموت) عد الموت من النعم، بدليل قوله لكم لان في الموت مزدجرا عن حب الدنيا وفي ذلك وصول الى معرفة الله وانقطاع عن السوى واتصال بالله وذلك من اكبر النعم ثم نزل الغافلين عن الموت منزلة الذين لا يعلمون بالموت فاخبرهم ان الموت حق لا بدمنه لكل تفس (ان لأهل القصور) اي المقصرين المفرطين في جنب الله (و) اهل (الفتور) الفاترين عن الرياضية والمجاهدة بعد القيام بحقها (و) اهل (الفجور) اي العصاة الطغاة (اشد العذاب فلم لا تشعرون) بذلك العذاب فان من كانت هذه صفاتهم هم في عذاب الجهل والغفلة عن الله ولكن حواسهم مشغولة مستغرقة بشهواتهم فلا يشعرون بهذا العذاب فاذا نضوا اجسادهم خلصوا الى اشد عذاب بجهلهم وذلك اشد من الم الجحيم (ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون) رهب قدس سره ورغب ما اوعد الله
صفحہ 53