واجتمع عندي المشايخ يوما يتذاكرون . فقام معتزلي من الجن وقال : يا قوم لم لم يسجد هذا الشيطان لآدم وقد أمر به ؟ فقالوا : لأنه منع منه بموانع كثيرة , لم يخلق الله فيه السجود ولا أراده ولا قضاء ولا أقدره عليه , بل خلق فيه تركه وأراده وقضاه وقدره , وخلق فيه القدرة الموجبة لتركه وأغراه بتركه وزين ذلك في قلبه , ثم كلفه ما لا يقدر عليه , فما ذنب هذا المسكين ؟ فقال المعتزلي : فلماذا لعنه وعاقبه؟ فقالوا : الملك ملكه , لو عاقب آدم وسائر الأنبياء والأبرار وأثاب فرعون وسائر الكفار كان عدلا منه . فقال لهم : بعدا لكم وسحقا مع هذه المقالة ! فقصدوه بالنعال فهرب . وعرفتم حقي وحميتم ذماري . ولقد جمعني وإياكم وإياهم مجلس فقراء قارئ : {ألم أعهد إليكم يا بني أدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين . وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم . ولقد أضل منكم جبلا كثيرا } فقال صدر من صدور المجبرة وشيخ من مشايخهم : ما ذنب هذا المسكين يلعنه ويوبخه ؟ أليس خلق فيه العداوة والإضلال , فما بال هذا الاعتلال ؟ فقال القوم : صدقت ! فقام معشر من المعتزلة وقالوا : كذبت وكذبوا ! بل الله بريء من ذلك . ولعنوني وإياكم , وارتفعت الضجة , وتعدى المقال إلي القتال , وتفرقنا ونحن على شر حال .
وحضرني مشايخ يوم عيد وشكوا المعتزلة وقالوا : فعلوا بنا كذا وكذا وقالوا لنا كذا , وإذا واحد من غمار الناس يصيح ويقول : من فعل ذلك ومن قاله ؟ انحن فعلناه فقد تركتم مذهبكم , أم الله فعله , فارضوا بقضائه وإلا كفرتم .
صفحہ 14