9

Message of Harmony Among Muslims

رسالة الألفة بين المسلمين

ایڈیٹر

عبد الفتاح أبو غدة

ناشر

دار البشائر الإسلامية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1417 ہجری

پبلشر کا مقام

حلب

اصناف

فقہ
تصوف

لقد اختلف السلفُ الصالحُ رضوانُ الله تعالى عليهم، لكنَّ اختلافَهم في الرأي لم يكن سبباً لافتراقِهم، إنهم اختَلَفُوا لكنهم لم يتفرَّقُوا، لأن وحدةَ القلوب كانت أكبرَ من أن يَنالَ منها شيءٌ، إنهم تخلَّصُوا من العِلَلِ النَّفْسِية وإن أُصِيبَ بعضُهم بخطأ الجوارح، وكان الرجلُ الذي بَشَّرَ الرسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم الصحابة بطَلْعَتِه عليهم وأخبرهم أنه من أهل الجنة، هو الذي استكْنَهُوا أمرَه وعَمَلَه فتبيَّنِ أنه لا ينام وفي قلبِهِ غِلٌّ على مسلم(١).

(١) روى الإمام أحمد في «مسنده» ٣: ١٦٦ بإسنادٍ رجاله ثقاتٌ، عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه قال: كُنَّا جُلوساً مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم، فقال: يَطْلُعُ الآن عليكم رجل من أهل الجنة، فطَلَع رجلٌ من الأنصار، - كذا وقع هنا لفظ (من الأنصار)، والصوابُ أن الرجل المذكور مُهَاجِريٍّ، وهو سعدُ بن أبي وقّاص، كما أوسعتُه بياناً في كتابي «الرسولُ المعلّم صلَّى الله عليه وسلَّم وأساليبه في التعليم»، ص ١٨٠ - ١٨١ - تَتَطِفُ لحيتُه من وضوئِه، قد علَّق نعليه بيده الشّمال، فلما كان الغدُ قال النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم مثلَ ذلك، فطَلَع ذلك الرجل مثلَ المرة الأولى، فلما كان اليومُ الثالث قال النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم مثلَ مقالته أيضاً، فطَلَع ذلك الرجلُ على مِثْلِ حالِه الأول.

فلما قام النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم تَّبِعَه عبدُ الله بنُ عَمْرٍو - بنِ العاص -، فقال: إني لاحيتُ أبي - أي نازعتُه وخاصمتُه ـ، فأقسمتُ أني لا أدخُل عليه ثلاثاً، فإن رأيتَ أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلتَ؟ قال: نعم، قال أنس: فكان عبد الله يُحدّث أنه بات معه تلك الثلاث الليالي، فلم يَرَهُ يقومُ من الليل شيئاً غير أنه إذا تعارّ - أي استيقظ - تقلّب على فراشه، وذكر اللَّهَ عزَّ وجلَّ وكَبَّرَ حتى صلاة الفجر، قال عبدُ الله: غير أني لم أسمعه يقولُ إلا خيراً، فلما مضت الثلاثُ الليالي وكدتُ أن أحتَقِّرَ عملَه، قلتُ: يا عبدَ الله - يُريد الرجلَ المُهَاجِرَّ-، لم يكن بيني وبين أبي غَضَبٌ ولا هجرة، ولكنْ سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلّم يقولُ لك ثلاث مرَّات: يطلُع عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة، فطَلَعتَ أنت الثلاثَ المرَّات، فأردتُ أن آوي إليك فأنظُر ما عملُك فأقتديّ بك، فلم أرك عَمِلتَ كبيرَ عملٍ، فما الذي بَلَغ بك ما قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلّم؟ !...

قال: ما هو إلا ما رأيتَ، فلما وَلّيتُ دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيتَ، غير أني لا أجدُ =

9