============================================================
ولم يكترث المعرى لفكرة فناء الإنسان وهو على خير أحواله صحة ونشاطا وشبابا وتمتعا بالحياة، ولعله لو كان يرثى فتى شابا لتنبه هذه الفكرة غير أنه انصرف إلى تقرير الفناء مجردا فالفكرة على هذا ساذجة لاتتصل بحقيقة الروح الشاعرة التى ترى فى ذبول الزهرة الناضرة معنى اخر غير معنى الفناء العام . وهو فى هذا يختلف عن الشاعر الهذلى أبى ذؤيب (1) الذى لم يقدم للموت إنسانا عاديا بل تصور ذلك الإنسان فارسا قد اتخذ حلق الحديد شعارا، ولبس مغقرا وقد حميت عليه الدرع حتى بدا وجهه من حرها ل يوم الكريهة أسفع، وجعل لهذا الفارس المدجج بسلاحه الحامل لرمحه ال و سيفه فرسا سريعة العدو ممتلثة، ثم تركة يتعرض لبطل آخر، وترك للبطلين فرصة الكفاح وأغيرا وفى روعة هذه الثقة النفسية التى تغمر كل واحد منهما وقع الاثنان ضحية للبوت.
فابو ذؤيب تعمد أن يمنح الإنسان قوة ليجعل من قوة الموت شيئا مخيفا موتسأ، آماموت الملك أو الفارس أو الكريم فى شيخوخته وضعفه ف أمر لا يحتاج إلى تقرير حقيقة الفناء بمثل ما فعل أبو العلاء .
2 - الحيوان والموت: والكلام عن طريقة اب ذؤيب يقربنا من القسم الذى تحدث فيه المعرى عن موت الحيوان حديثا لا يخرج فى الشكل العام عن حديث أبى ذؤيب فى عينيته (1) . والحقيقة أن الشكل العام فى هذا القسم من الرسالة ليس اقتفاء لاثار ابى ذؤيب فخسب، بل هو صورة منثورة لمواضع متفرقة فى الديوان الهذلى عامة . فللشعراء الهذليين قصائد كثيرة
في الرثاء على مثال عينية آبى ذؤيب يتحدثون فيها عن اقتدار الموت على (1) ديوان الهذليين 15/1 وما بعدها .
(2) انظر اشاره الدكتور طه حسين باشا إلى هذا الأمر فى كتابه تجديد ذكرى أبى العلاء م 235 الطبعة الثالثة
صفحہ 14