تخطيطي سريع لهذه البوابة الطبيعية الفريدة ، التي يسميها الأهلون تسمية في محلها فيطلقون عليها اسم «دربند». وقد استغرق صعودنا ساعة ونصف ، وفي النهاية وقفنا فوق القمة متطلعين من الخلف إلى البلاد الجبلية الموحشة التي اجتزناها. أما من الجهة الأخرى فقد كانت تمتد الأصقاع المنخفضة التي بقي علينا أن نجتازها قبل أن يكون بوسعنا الوصول إلى عاصمة الخلفاء العتيدة. أقول الأصقاع المنخفضة لا المستوية ، لأن البلاد التي صارت تمتد أمام أعيننا الآن كانت بعيدة كل البعد عن الاستواء على كونها من حيث الارتفاع النسبي أوطأ بكثير من المناطق التي خلفناها وراءنا. فقد كانت تقوم أمامنا قمم واطئة من التلال الجرداء المعتمة التي كانت تمتد امتدادا متسلسلا حالت كثافة الجو دون اكتشافنا لنهايته. أما الفسح التي كانت تتخلل تلك القمم فقد كانت تتقاطع معها على نفس النمط سلسلة من الروابي والآكام الصغيرة. فكان المنظر العام بذلك مقفرا ومعتما. ومع هذا فقد كانت هذه بلاد الآشوريين الأصلية ، مهد الامبراطوريات الجبارة ، ومنبت الملوك العظام في الأزمنة الغابرة. ولم يكن يدور في خلد أحد أن هذه المفازة الصخرية الجرداء كانت بلاد سميراميس العظيمة ، أو سارداناپولس (1) المترف. على انها قد تكون الموطن اللائق ل «نمرود الصياد الجبار».
فأدت بنا نزلة صخرية مخفية ، ومسافة عدة أميال قطعناها في البلاد المنخفضة التي أتيت على وصفها ، إلى هذا المكان المسمى زالة ، إنها مكان بسيط جدا كما بينت من قبل ، والحقيقة أنني لم أر أسوأ من هذا المكان للمبيت.
وقد أزعجنا في هذا المكان ، وفي المنزل الذي نزلنا فيه الليلة الماضية ، ما نشب من خصام بين مهمندارنا (2) وأهالي القريتين حول الشعير والتبن الذي
صفحہ 48