العمل ، وعظمت في ذلك رغبتها ، وحسنت نيتها ، فلم تزل تعمل فيها حتى بلغت ثنية خل ، فإذا الماء لا يظهر في ذلك الجبل ، فأمرت بالجبل فضرب فيه ، وأنفقت في ذلك من الأموال ما لم تكن تطيب به نفس كثير من الناس ، حتى أجراها الله عز وجل لها ، وأجرت فيها عيونا من الحل ، منها عين من المشاش (1)، واتخذت لها بركا تكون السيول إذا جاءت تجتمع فيها ، ثم أجرت لها عيونا (2) من حنين ، واشترت حائط حنين ، فصرفت عينه إلى البركة ، وجعلت حائطه سدا يجتمع في السيل ، فصارت لها مكرمة لم تكن لأحد قبلها ، وطابت نفسها بالنفقة فيها ، بما لم تكن تطيب نفس أحد غيرها به ، فأهل مكة والحاج إنما يعيشون بها بعد الله عز وجل .
ثم أمر أمير المؤمنين المأمون صالح بن العباس في سنة عشر ومئتين أن يتخذ له بركا في السوق خمسا ، لئلا يتعنى أهل أسفل مكة والثنية وأجيادين (بالتثنية) والوسط إلى بركة أم جعفر ، فأجرى عينا من بركة أم جعفر من فضل مائها في عين تسكب في بركة البطحاء ، عند شعب ابن يوسف ، في وجه دار ابن يوسف ، ثم يمضي إلى بركة عند الصفا ، ثم يمضي إلى بركة عند الحناطين ، ثم يمضي إلى بركة بفوهة سكة الثنية ، دون دار أويس ، ثم يمضي إلى بركة عند سوق الحطب بأسفل مكة ، ثم يمضي فيسرب ذلك إلى ماجل أبي صلابة (3)، ثم إلى الماجلين اللذين
صفحہ 82