وفى أثناء فتنة القرامطة، قدم شخص من دعاة الإسماعيلية من أبناء عبد الله بن ميمون القداح الأهوازى إلى ولاية الكوفة، وكان معه ولد، وقال: أنا داعية الإمام وظهوره قرب، وأرسل إلى اليمن من يسمى أبا القاسم حوشب للدعوة، وأرسل الدعاة إلى أطراف البلاد، وعظم شأنه وكان أبو عبد الله الصوفى، ويسمى المحتسب من قبيلة كنانة أرسله أبو القاسم إلى المغرب، ونشر هناك الدعوة، ولما أكتمل أمره واستولى على بعض من بلاد المغرب والقيروان، مضى ذلك الشخص الذى كان من أبناء عبد الله بن ميمون إلى تلك الجهة، وقال: أنا الإمام ومن أبناء إسماعيل بن جعفر وسمى نفسه عبد الله، وابنه القائم بأمر الله محمد، وتولى الإمامة وبايعه المغاربة، وبنى مدينة المهدية فى أرض القيروان فى سنة مائتين وثمان وخمسين، وكان يريد أن يحقر إيوان الشريعة، فتشكك فى أمره أبو عبد الله الصوفى؛ فقتله المهدى مع أخيه المسمى يوسف.
وكان ظهور المهدى فى سجلماسه من بلاد المغرب واستولى عليها سنة مائتين وست وتسعين، وقهر واستأصل ملوك المغرب بنى الغلب الذين كانوا من قبل الخلفاء العباسيين، واستولوا على بلاد المغرب جميعها، ورووا خبرا عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو:" على رأس الثلاثمائة تطلع الشمس من مغربها"، وقالوا: تأويل هذا الخبر ظهور المهدى، وقالوا: بين المهدى ومحمد بن إسماعيل ثلاثة أئمة مستورين وألقابهم الرضى والوفى والتقى والمهدى بن التقى، وقال مسلمو ولاية المغرب: إن المهدى من أبناء عبد الله بن سلام البصرى، وهو من دعاة هذه الطائفة، وقال أهل بغداد والعراق: من أولاد عبد الله بن ميمون القداح، وكذبوا بأجمعهم انتسابه إلى إسماعيل بن جعفر، وفى أيام القادر بالله فى بغداد كتبوا وثيقة، صدق عليها العظماء والسادة والقضاة وعلماء الخطوط، وأثبتوا أن مذهب أولاد المهدى مقدوح، وأنهم كاذبون فى انتسابهم إلى جعفر الصادق (رضى الله عنه)، تأتى نفس الوثيقة عند ذكر الحاكم الذى كان الخامس من أولاد المهدى.
صفحہ 120