قال علماء الدين وأئمة التفسير: إن الله تعالى أمر جبريل أن يرفع التراب كله عن وجه الأرض، وأن يضعه بين مكة والطائف، فعجن الله تعالى هذا التراب بماء المطر وفى ذلك يقول: خمرت طينة آدم بيدى أربعين صباحا، ورسم صورة آدم وجعل رأسه نحو الطائف، وبقى على ذلك أربعين يوما، قال تعالى: هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا 2؛ أى لم يدر ما اسمه وما يراد به، ولما رأى إبليس والملائكة هذا قالوا: نحن نصنع بهذا الشخص ما يأمر به الله، فقال إبليس: إذا كان أضعف منى أهلكته، ولو كان أقوى منى فلن أطيعه، ولما دخلت روح آدم فى رأسه عطس وحمد وسمع جواب الرحمة، ولما وصلت إلى صدره أراد أن ينهض فسقط وكان الإنسان عجولا 3، ثم بقى فى مكة سبعة أيام حتى زينوا العرش، وأحضروا له ثيابا حسنة من الجنة، واصطف الملائكة، واعتلى آدم العرش الذى كان فى ذلك الموضع الموجودة به الكعبة، فجاء الأمر اسجدوا*، فتمرد إبليس وسجد الملائكة، ثم جاء الأمر أن أدخلوه الجنة فأدخلوه، فمكث خمسمائة عام هناك؛ أى نصف يوم من أيام ذلك العالم، ويقولون: منذ دخوله الجنة ونزوله إلى الأرض كان ألفا ومائتين وأربعين عاما. واختلفوا هل خلقت حواء فى الدنيا أم فى الجنة؟، والأصح أنها خلقت فى الدنيا لقوله تعالى: اسكن أنت وزوجك الجنة 4، وكان ذلك بين النوم واليقظة، ولما لعن إبليس ودخل آدم الجنة، جاء الأمر: ولا تقربا. فبحث إبليس عن الطريق ودخل فى فم الأفعى 5، قال تعالى: وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين 6، وأقسم أن كل من أكل من هذه الشجرة؛ فسوف يخلد فى الجنة، فلما أكلا سقطت عنهما حلتهما، فجاء الخطاب: ألم أنهكما عن تلكما الشجرة 7، ثم جاء الأمر أن اخرجا فخرجا، وكان معهما ورقتان من ورق التوت وقد سترت عورتيهما، وعود كان آدم يستعمله لتخليل أسنانه، وفص الخاتم الذى وصل لسليمان، والجوهرة التى صارت الحجر الأسود، وصار فص الخاتم هو سبب ملك سليمان، وأثر الورق هو العسل والحرير والعنبر، ويقولون: إن أدم وحواء هبطا إلى الدنيا فى أرض الهند وانفصلا، فقدم آدم (عليه السلام) إلى مكة، وطلب حواء فوجدها على جبل عرفات، ولذلك يسمى هذا المكان بعرفات، وبنيا الكعبة، وأحضر لهما جبريل الحب وعلمهما الزرع والغرس والحصاد والطهو والطحن، ثم زرعا وجنيا وأكلا فى اليوم الرابع، وحملت حواء من آدم خمس عشرة مرة، وفى كل مرة كانت تلد ولدا وبنتا، وكان آدم يزوج كل أنثى للذكر من الحمل الآخر، ثم أراد أن يزوج إقليما توأم قابيل إلى هابيل وتوأم هابيل لنودا إلى قابيل، وكان قابيل يميل إلى توأمه، وبذلك عادى هابيل فقتله، وهو الذى أرسى أساس الظلم والعدوان، وحزن آدم على فراقه حتى وهبه الحق تعالى شيث، فوجد العزاء به.
صفحہ 22