لما جعل الحق جل وعلا التوفيق رفيقا لهذا الضعيف، وهو أضعف خلق الله تعالى أبو سليمان داود بن أبى الفضل محمد بن محمد بن داود البناكتى أحسن الله عاقبته، حتى ألف كتابا فى كل فن من أنواع العلوم. وخطر لى أن أكتب كتابا فى علم التواريخ والأنساب التى اكتظت بذكرها الكتب الإلهية والصحف السماوية فى جميع الأديان، وأن أجعله مشتملا على أنساب وتواريخ كل طوائف أهل العالم، وبيان اختلاف تاريخ كل قوم من الأديان المختلفة، وكذلك أنساب مشاهير الأنبياء والأولياء خصوصا سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد المصطفى (عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات) وشعب الأولاد والأئمة المهديين والخلفاء والسلاطين ومشاهير الصحابة والتابعين ومشايخ الطبقات وأصحاب الحديث والقراء وعلماء الدين والملوك والخواقين والأمراء وسائر أقوام بنى آدم، وأن يتضمن طائفة من أقوالهم وأحوالهم وحكاياتهم التى شوهدت فى كل كتاب من الكتب، وسمعت من كل مؤرخ ونسابة، وفحصت فحصا بارعا خصوصا من كتاب جامع التواريخ الذى جمع مادته رشيد الدين الوزير (طاب ثراه) من كتب تواريخ أقوام العالم من الهند والصين والمغول والإفرنج وغيرهم بأمر من سلطان الإسلام غازان خان (نور الله مضجعه) وكان على أن أعرض هذا على وجه الإيجاز، وقد بدأت كتابى مستعينا بالله تعالى منذ بداية عهد آدم وحتى يومنا هذا؛ أى متصلا إلى أيام دولة الشاهنشاه الأعظم مالك رقاب الأمم، محرز ممالك العالم، مولى سلاطين العرب والعجم السلطان علاء الدنيا والدين أبى سعيد بن السلطان محمد الجايتو خان بن أرغون خان بن آباقا خان بن هولاكو خان بن تولولاى خان بن جنكيزخان.
وهو الخامس والعشرون من شهر الله المبارك شوال سنة سبع عشرة وسبعمائة من الهجرة، وقسمته إلى تسعة أقسام وسميته" روضة أولى الألباب فى معرفة التواريخ والأنساب".
والعلم عند الله تعالى.
صفحہ 20