روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن
روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن
اصناف
أي وكما يدل على خلق القرآن قوله تعالى { خالق كل شيء } وقوله تعالى { إنا جعلناه قرآنا عربيا } كذلك يدل على خلقه قوله تعالى { ما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا استمعوه وخم يلعبون } (¬1) وقوله تعالى { وما يأتيهم من دكر من الرحمن محدث إلاكانو عنه معرضين } (¬2) . وجه الإستدلالا بالآيتين أنه تعالى وصفه بأنه ذكر محدث، والمحدث هو الموجود بعد عدم. فالآيتان صريحتان في خلق القرآن. وفي الآية الأولى دليل ثان على خلقه هو أنه تعالى وصف الذكر بأنه مستمع ,وكل مستمع حادث لأن الإستماع لا يكون إلا للفظمشتمل على معان، وكل ما هو كذلك فهو مخلوق لما تقدم من البرهان على خلقه. فان اعترضت علينا في الاستدلالين الأولين من هاتين الآيتين وقلت بأنه ليس المراد من قوله تعالى محدث حدوث ذات القران، وإنما المراد منه أنه طارىء على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ويقال للشيء الغريب الطارىء هذا محدث.
قلنا مجيبين لك عن هذا الإعتراض : أن حدوث ما هية القرآن وطروءه على على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - كلاهما مجمع في القرآن، فلا يتنافيان. وتفسيرك لمحدث بمعنى طارىء خلاف الظاهر، ولا دليل لك على صرف اللفظ عن ظاهره. ثم ان قولك طارىء على رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - دليل تنطق به من فيك على نفسك، فان كل طارىء مخلوق. أما القديم الأزلي فلا يتصف بالطرو والتنقل .
فقوله يهدي إلى احداثه: أي يدل على إيجاده بعد عدم. وآثر التعبير بالإحداث عن الحدوث لأن الإحداث أنسب لما في الآيتين من التعبير بالمحدث، وفيه التنبيه على أن الشيء المحدث لايكون حادثا بنفسه، بل لابد له من محدث، هو غيره .
وقوله حقا : صفة لمصدر محذوف تقديره هداية حقا.
والكتمان : بالكسر : الإخفاء، أي تدل الآيتان على خلقه دلالة صدق لا إخفاء معها لظهور الإستدلال بهما.
صفحہ 116