وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا
«١»، فاعلم أنّ شهادتهم لم تقبل، وإذا قيل للمتزوّج صبيحة البناء على أهله: كيف ما قدمت عليه؟ فقال: الصلاح خير من كلّ شيء، فاعلم أنّ امرأته قبيحة، وإذا رأيت إنسانا يمشي ويلتفت فاعلم أنه يريد أن يحدث، وإذا رأيته يعدو ويعثر فاعلم أنه في حاجة، وإذا رأيت رجلا خارجا من عند الوالي وهو يقول: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ
«٢»، فاعلم أنه قد صفع.
الفكر قبل العمل يدفع هيبة البداهة. عن النبي ﷺ: «العقل نور في القلب يفرق به بين الحق والباطل» . يقال: العقل كالبعل، والنفس كالزوجة، والجسم كالبيت، فإذا تسلّط العقل على النفس اشتغلت النفس بمصالح الجسم كما تشتغل المرأة المقهورة بمصالح البيت، فصلحت الجملة، وإن غلبت النفس كان سعيها فاسدا كالمرأة التي قهرت زوجها ففسدت الجملة. أنس ﵁: «قيل: يا رسول الله، الرجل يكون حسن العقل كثير الذنوب، فقال:
وما من آدميّ إلّا وله ذنوب وخطايا يقترفها، فمن كانت سجيته العقل وغريزته اليقين لم تضرّه ذنوبه، قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: لأنه كلما أخطأ لم يلبث أن يتدارك ذلك بتوبة وندامة على ما كان منه فتمحى ذنوبه ويبقى له فضل يدخل به الجنة» .
وعنه أيضا ﵁: «أثنى قوم على رجل عند رسول الله ﷺ حتى بالغوا في الثناء بخصال الخير، فقال رسول الله ﷺ: كيف عقل الرجل؟
فقالوا: يا رسول الله نخبرك عنه باجتهاده في العبادة وأصناف الخير وتسألنا عن عقله! فقال نبيّ الله ﷺ: إنّ الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر، وإنما يرتفع العباد غدا في الدرجات وينالون الزّلفى من ربهم على قدر عقولهم» .