أبا مسلم الخراسانى «١» بخراسان ووصّاهم أن يسمعوا له ويطيعوا، قال له: إنك رجل منا أهل البيت، احفظ وصيتى، انظر هذا الحى من اليمن فأكرمهم واسكن بين ظهورهم فإن الله لا يتم هذا الأمر إلا بهم وإنهم ربيعة في أمرهم، وأما مضر فإنهم العدو القريب الدار، اقتل من شككت فيه، وإن استطعت ألا تدع بخراسان من يتكلم بالعربية فافعل، وأيما غلام بلغ خمسة أشبار تتممه فاقتله «٢»، فأين- أعزك الله- هذه الوصية من وصايا الخلفاء الراشدين لعمّالهم، وتالله لو توجه أبو مسلم إلى أرض الحرب ليغزو أهل الشرك، بالله لما جاز أن يوصى بهذا، فكيف؟
وإنما توجه إلى دار السلام وقتال أبناء المهاجرين والأنصار وغيرهم من العرب لينزع من أيديهم ما فتحه آباؤهم من أرض الشرك ليتخذ مال الله دولا وعبيده خولا، فعمل أبو مسلم بوصية الإمام حتى غلب على ممالك خراسان وتحطمت عساكره إلى العراق، فيقال: إنه قتل ستمائة ألف «٣» إنسان وصار في الناس بالعسف والجبرية لمرسى سيرته، إنه لما قوى أقره وصار في عسكر، ودخل مرو في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين ومائة، واستولى عليها، أراد الغدر بنصر بن سيار «٤»، وقد أنسه وبسطه وضمن له أن يكف عنه ويقوم بشأنه عند الإمام، فبعث إليه لاهز بن قريط وسليمان بن كثير وعمران بن إسماعيل وداود بن كراز، يعلمه أن كتابا أتاه من الإمام يعده فيه ويمنّيه ويضمن له الكرامة، ويقول له: إنى أريد مشافهته وأقرأ كتاب الإمام عليه، يريد بذلك أنه إذا أتاه قبض عليه، فلما أتته الرسل تلا تلاهز قول
1 / 65