من بيته إلى المسجد كما كان رسول الله ﷺ يخرج، ذكره أبو بطال. وقد جعل جمهور الصحابة رضى الله عنهم استخلاف رسول الله ﷺ أبا بكر رضى الله عنه فى الصلاة وهو مريض دليلا وإشارة إلى أنه الخليفة من بعد رسول الله ﷺ، وقالوا: قد رضيه رسول الله ﷺ لديننا فلا نرضاه لدنيانا؟ «١» .
وثبت في الصحيح من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كان عمر رضى الله عنه يدخلنى مع أشياخ بدر، فقال بعضهم: لم يدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله، فقال: إنه ممن قد علمتهم، قال: فدعاهم ذات يوم ودعانى معهم، وما رأيته دعانى يومئذ إلا ليريهم منى، فقال: ما تقولون في إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجًا
«٢»، حتى ختم السورة؟
فقال: أمرنا أن نحمد ونستغفر إذا جاء نصرنا وفتح علينا.
وقال بعضهم: لا ندرى، ولم يقل بعضهم شيئا. فقال لى: يا ابن عباس، أكذا هو؟ قلت: هو أجل رسول الله ﷺ، أعلمه الله له يقول: إذا جاء نصر الله والفتح، فتح مكة، فذلك علامة أجلك، نسبح بحمد ربك ونستغفره، إنه كان توابا.
قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم «٣»، فهذا فهم الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين وهم القدوة وهم الأسوة ووفقنا الله لاتبّاعهم.
[فصل: في الاعتراض على أخذ بنى العباس بن المطلب بن هاشم الخلافة نيفا على خمسمائة وعشرين سنة]
(فصل:) إياك والاعتراض على ما تقدم أخذ بنى العباس بن المطلب بن هاشم الخلافة، وأقاموا خلفاء نيفا على خمسمائة وعشرين سنة، فإن الخلافة إنما صارت إليهم بعد ما ضعف أمر الدين، وتخلخلت أركانه، وتداول الناس أمر الأمة بالغلبة، ونقذها حينئذ بنو العباس بأيدى العجم أهل خراسان، ونالوها بالقوة ومناهضة الدول وتناولوا العز كيف كان في وصل أمر الأمة أهل العدالة والطهارة، ولا وليهم ذو الزهادة والعبادة، ولأساسهم أرباب الورع والأمانة، بل استحالت الخلافة كسروية وقيصرية بحيث إن إبراهيم الإمام بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس لما وجّه
1 / 64