رفع الملام عن الأئمة الأعلام

ابن تيمية d. 728 AH
74

رفع الملام عن الأئمة الأعلام

رفع الملام عن الأئمة الأعلام - ط العصرية

اصناف

وَإِذَا كَانَ لَازِمًا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، بَقِيَ الْحَدِيثُ سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ، فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ. بَيَانُ ذَلِكَ: أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَئِمَّةِ صَرَّحُوا بِأَنَّ فَاعِلَ الصُّورَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا مَلْعُونٌ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ﵄ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ تَزَوَّجَهَا لِيَحِلَّهَا، وَلَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَلَا زَوْجُهَا؟ فَقَالَ: هَذَا سِفَاحٌ، وَلَيْسَ بِنِكَاحِ ﴿لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ﴾ . وَهَذَا مَحْفُوظٌ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ؛ وَعَنْ غَيْرِهِ؛ مِنْهُمْ الْإِمَامُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: ﴿إذَا أَرَادَ الْإِحْلَالَ فَهُوَ مُحَلِّلٌ، وَهُوَ مَلْعُونٌ﴾ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ مِنْ صُوَرِ الْخِلَافِ فِي الْخَمْرِ وَالرِّبَا وَغَيْرِهِمَا. فَإِنْ كَانَتْ اللَّعْنَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَغَيْرُهَا مِنْ الْوَعِيدِ الَّذِي جَاءَ، لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا مَحَلَّ الْوِفَاقِ، فَيَكُونُ هَؤُلَاءِ قَدْ لَعَنُوا مَنْ لَا يَجُوزُ لَعْنُهُ؛ فَيَسْتَحِقُّونَ مِنْ الْوَعِيدِ الَّذِي جَاءَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ. مِثْلَ قَوْلِهِ ﷺ: ﴿لَعْنُ الْمُسْلِمِ كَقَتْلِه﴾ (١) وَقَوْلِهِ ﷺ، فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁: ﴿سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ؛ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ﴾ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ﵁ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ

(١) متفق عليه من حديث ثابت بن الضحاك الأنصاري ﵁ بلفظ: (لعن المؤمن كقتله) وهو جزء من حديث طويل.

1 / 76