رفع الملام عن الأئمة الأعلام

ابن تيمية d. 728 AH
73

رفع الملام عن الأئمة الأعلام

رفع الملام عن الأئمة الأعلام - ط العصرية

اصناف

لَهُمْ، وَلَكَانَ تَرْكُ أَدِلَّة الْمَسَائِلِ الْمُشْتَبِهَةِ خَيْرًا مِنْ بَيَانِهَا. الثَّالِثُ: أَنَّ بَيَانَ الْحُكْمِ وَالْوَعِيدِ سَبَبٌ لِثَبَاتِ الْمُجْتَنِبِ عَلَى اجْتِنَابِهِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَانْتَشَرَ الْعَمَلُ بِهَا. الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا الْعُذْرَ لَا يَكُونُ عُذْرًا إلَّا مَعَ الْعَجْزِ عَنْ إزَالَتِهِ، وَإِلَّا فَمَتَى أَمْكَنَ الْإِنْسَانُ مَعْرِفَةَ الْحَقِّ، فَقَصَّرَ فِيهَا لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا. الْخَامِسُ: أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي النَّاسِ مَنْ يَفْعَلُهُ غَيْرَ مُجْتَهِدٍ اجْتِهَادًا يُبِيحُهُ؛ وَلَا مُقَلِّدًا تَقْلِيدًا يُبِيحُهُ، فَهَذَا الضَّرْبُ قَدْ قَامَ فِيهِ سَبَبُ الْوَعِيدِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْمَانِعِ الْخَاصِّ، فَيَتَعَرَّضُ لِلْوَعِيدِ وَيَلْحَقُهُ؛ إلَّا أَنْ يَقُومَ فِيهِ مَانِعٌ آخَرُ: مِنْ تَوْبَةٍ أَوْ حَسَنَاتٍ مَاحِيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. ثُمَّ هَذَا مُضْطَرِبٌ؛ قَدْ يَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنَّ اجْتِهَادَهُ أَوْ تَقْلِيدَهُ مُبِيحٌ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ وَيَكُونُ مُصِيبًا فِي ذَلِكَ تَارَةً، وَمُخْطِئًا أُخْرَى، لَكِنْ مَتَى تَحَرَّى الْحَقَّ، وَلَمْ يَصُدَّهُ عَنْهُ اتِّبَاعُ الْهَوَى، فَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا. الْعَاشِرُ (١): أَنَّهُ إنْ كَانَ إبْقَاءُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى مُقْتَضَيَاتِهَا مُسْتَلْزِمًا لِدُخُولِ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ تَحْتَ الْوَعِيدِ؛ فكذلك إخراجها عن مُقْتَضَيَاتِهَا، مستلزم لدخول بعض المجتهدين تحت الوعيد.

(١) هذا هو العاشر من الأجوبة على الاعتراض بالقول: إن أحاديث الوعيد إنما تتناول محل الوفاق.

1 / 75