البعض ينفي أن يكون الإمام أحمد كتب كتابًا غير المسند، وهذا فيه تجوز ونظر، زاعمين أنه كان ينهى عن تأليف الكتب.
أقول: نعم كان ينهى عن تأليف الكتب ومجالسة أهل البدع والرد عليهم، ولكن كان هذا في أول الأمر، ثم لمَّا تغيرت الأحوال وتترس الباطل بقول السلطان كان لابد من التصدي لهذا الباطل ودحره وإبطاله.
قال الدارمي ﵀: فحين خاضت الجهمية في شيء منه وأظهروه وادعوا أن كلام الله مخلوق، أنكر ذلك ابن المبارك، وزعم أنه غير مخلوق فإنّ من قال: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا﴾ مخلوق فهو كافر.
حدثنيه يحيى الحماني عن الحسن بن الربيع عن ابن المبارك، فكره ابن المبارك حكاية كلامهم قبل أن يعلنوه، فلمَّا أعلنوه أنكر عليهم وعابهم ذلك.
وكذلك قال ابن حنبل: كنا نرى السكوت عن هذا قبل أن يخوض فيه هؤلاء، فلما أظهروه لم نجد بدًّا من مخالفتهم والرد عليهم١.
ورسالة "الرد على الجهمية والزنادقة" التي نحن بصدد الحديث عنها فأقول: إن من فضل الله عليَّ أن يسَّر لي العمل في هذه الرسالة
_________
= أحمد، فكل يؤخذ من قوله ويرد إلا المعصوم ﷺ.
١ نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد "٥٣٧/١، ٥٣٨".
1 / 16