فلا مُزنةٌ وَدَقَتْ وَدْقَها ... ولا أرضَ أبْقَل إبقالها
فان قيل: فما تصنع بقولهم (أنت قمت وأنا قمت) لم يُغنِهم تقديم الفاعل عن إعادته أخيرًا؟ قيل: هذا دليل، ولكن قياس الغائب عن المخاطب والمتكلم ليس بقطعي، ولعله يُكتَفَي في الغائب بالظاهر المتقدم ولكن يكتفي به في غيره.
فإن قيل: فما الصحيح في دلالة الفعل على الفاعل؟ قيل: الأظهر أن دلالة الفعل على الفاعل لفظية. ألا ترى انك تعرف من الياء التي في (يعلم) أن الفاعل غائب مذكر، ومن الألف في (أعلم) من أنه متكلم، ومن النون في نعلم أنه متكلمون ومن التاء في تعلم أنه مخاطب أو غائبه، ووقع الاشتراك هنا، كما وقع في (يعلم) وما أشبهه، بين الحال والمستقبل. وتعرف من لفظ (علم) أن الفاعل غائب مذكر. وعلى هذا فلا ضمير لأن الفعل يدل بلفظه عليه، كما يدل على الزمان، فلا حاجة بنا إلى إضمار. وإما على الرأي الآخر، فالأظهر أنه إضمار لما تقدم.
والنحويين يفرقون بين الإضمار والحذف ويقولون (أعني حُذَّافهم) أن الفاعل يضمر ولا يحذف، فإن كانوا يعنون في المضمر مالا بد منه، وبالمحذوف ما قد يستغنى عنه، فهم يقولون: هذا انتصب بفعل مضمر،
1 / 83