مقطوعًا به أو مظنونًا، فإن كان مظنونًا فأمره أمر الضمير المدَّعي في اسم الفاعل، وان كان مقطوعًا به صح هذا الإضمار. ولا بد أن يتقدم قبل الكلام في هذا الموضع مقدمات تعين الناظر فيه على ما قصد تبيينه، وهي أن الدلالة على ضربين: دلالة لفظيه مقصودة للواضع، كدلالة الاسم على مسماه، ودلالة الفعل على الحدث والزمان، ودلالة لزوم، كدلالة السقف على الحائط، ودلالة الفعل المتعدي على المفعول به وعلى المكان. ودلالته على الفاعل فيها خلاف بين الناس، منهم من يجعل دلالته عليه كدلالته على الحدث والزمان، ومنهم من يجعل دلالته عليه كدلالته على المفعول به فإذا قيل (زيد قام) ودل لفظ (قام) على الفاعل دلالة قصد فلا يُحتاج إلى أن يضمر شيء، لأنه زيادة لا فائدة فيها، كما كان ذلك في اسم الفاعل، إذ كان اسم الفاعل موضوعًا للدلالة على الفاعل والفعل، فالفعل على هذا دال على ثلاثة، وإن كانت دلالة الفعل عليه دلالة لزوم وتبع.
وهنا احتمالان: أحدهما في نفس المتكلم ضميرًا كما في قولنا (زيدًا ضربته) لكنه لم يُدَلّ عليه بلفظ، لعلم المخاطب به، والدليل على ذلك قولهم في التسلية (قاما
ويقومان) وفي الجمع (قاموا ويقومون) فهذه ضمائر دُلَّ عليها بألفاظ. والثاني أن تكون هذه الألف والواو علامتين للتثنية والجمع، كما قيل (أكلوني البراغيث) جعلها بعض العرب مع التقديم والتأخير. وجعلها أكثرهم مع تأخير الفعل عن الفاعل، كما لزمت تاء التأنيث مع التأخير للفعل، إذ كان الفاعل تأنيثه غير حقيقي، ولم تلزم مع التقديم، ولم تحذف مع تأخير الفعل إلا في الشعر، كقول القائل:
1 / 82