أوردته وقصدي الإيجاز، وإنما سقت قوله المتقدم إتباعا لمن ألف الإتباع، فمذهب الجماعة في قول العرب (هذا حجر ضب خرب) ما ذكره. واختار أبو الفتح أن يكون على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وقال إن في القرآن نيفًا على ألف موضع، وتقديره عنده (هذا جحر ضبٍّ خربٍ جحره) فخرب نعت لضب، كما يقال (هذا فرسٌ عربيٌّ قارح فرسه) فقارح نعت لعربي وُصف به، وإن كان للفرس، لأنه من سببه، فحذف الجحر الذي هو المضاف، وهو فاعل مرفوع، ولقيم المضاف إليه مقامه، وهو الضمير العائد على الضب مقام الجحر، فارتفع بخرب عنده. والضمير إذا كان فاعلًا باسم الفاعل، أو بالصفة المشبهه باسم الفاعل، استكنّ فيهما على مذهبهم، وحذفُ المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه مطرد، واستكنانُ الضمير في الصفة مطرد. لكن لقائل أن يقول لأبي الفتح: إن الحذف للمضاف لا يجوز إلا في المواضع التي يسبق إلى فهم المخاطب المقصود من اللفظ فيها كقوله تعالى: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا﴾. وأما في المواضع التي يُحتاج في معرفة المحذوف منها تأمل كثير، وفكر طويل، فلا يجوز حذفه لما فيه من اللَّبْس على السامعين. وهذا من المواضع البعيدة، والدليل على ذلك انه قد مر هذا القول على إسماع قوم فهماء عارفين بالنحو واللغة. فلم يهتدوا إلى هذا
المحذوف، لأنه لو ظهر لكان قبيحًا، لو قالت
1 / 77