١٠٤ - حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّمْلِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ، مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ ثِقَةً، عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ لِي، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]، كَيْفَ اسْتَوَى؟ قَالَ: فَمَا رَأَيْنَا مَالِكًا وَجَدَ مِنْ شَيْءٍ كَوَجْدِهِ مِنْ مَقَالَتِهِ، وَعَلَاهُ الرُّحَضَاءُ، وَأَطْرَقَ، وَجَعَلْنَا نَنْتَظِرُ مَا يَأْمُرُ بِهِ فِيهِ. قَالَ: ثُمَّ سُرِّيَ عَنْ مَالِكٍ، فَقَالَ: «الْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالِاسْتِوَاءُ مِنْهُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَإِنِّي لَأَخَافُ أَنْ تَكُونَ ضَالًّا. ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ»
⦗٦٧⦘
١٠٥ - قَالَ أَبُو سَعِيدٍ ﵀: وَصَدَقَ مَالِكٌ، لَا يُعْقَلُ مِنْهُ كَيْفٌ، وَلَا يُجْهَلُ مِنْهُ الِاسْتِوَاءُ، وَالْقُرْآنُ يَنْطِقُ بِبَعْضِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ آيَةٍ.
١٠٦ - فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي اقْتَصَصْنَا فِي هَذَا الْبَابِ، قَدْ خَلَصَ عِلْمُ كَثِيرٍ مِنْهَا إِلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَنَطَقَ بِكَثِيرٍ مِنْهَا كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَصَدَّقَتُهُ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي يَشْكُلُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، إِلَّا عَلَى هَذِهِ الْعِصَابَةِ الْمُلْحِدَةِ فِي آيَاتِ اللَّهِ، لَمْ يَزَلِ الْعُلَمَاءُ يَرْوُونَ هَذِهِ الْآثَارَ، وَيَتَنَاسَخُونَهَا، وَيُصَدِّقُونَ بِهَا عَلَى مَا جَاءَتْ، حَتَّى ظَهَرَتْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ، فَكَذَّبُوا بِهَا أَجْمَعَ، وَجَهَّلُوهُمْ، وَخَالَفُوا أَمْرَهُمْ، خَالَفَ اللَّهُ بِهِمْ.
١٠٧ - ثُمَّ مَا قَدْ رُوِيَ فِي، قَبْضِ الْأَرْوَاحِ، وَصُعُودِ الْمَلَائِكَةِ بِهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ السَّمَاءِ، وَمَا ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ قِصَّتِهِ حِينَ أُسْرِيَ بِهِ، فَعُرِجَ بِهِ إِلَى سَمَاءٍ بَعْدَ سَمَاءٍ، حَتَّى انْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى الَّتِي يَنْتَهِي إِلَيْهَا عِلْمُ الْخَلَائِقِ فَوْقَ سَبْعِ سَمَوَاتٍ، وَلَوْ كَانَ فِي كُلِّ مَكَانٍ كَمَا يَزْعُمُ هَؤُلَاءِ، مَا كَانَ لِلْإِسْرَاءِ وَالْبُرَاقِ وَالْمِعْرَاجِ إِذًا مِنْ مَعْنًى، وَإِلَى مَنْ يُعْرَجُ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَهُوَ بِزَعْمِكُمُ الْكَاذِبِ مَعَهُ فِي بَيْتِهِ فِي الْأَرْضِ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سِتْرٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ، وَتَعَالَى عَمَّا تَصِفُونَ
1 / 66