أولها: معرفة الخالق، وهي لا تدرك إلا بالعقل الصحيح والقلب النضيج. قال الله سبحانه: {فاعتبروا يا أولي الأبصار} [الحشر: 2]، وقال سبحانه: {ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب} [ص: 29]، وقال: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} [ق: 37]، فإذا صح مركب اللب، وثبت فهم القلب، ثم تدبر أمره جميع الخلق، وقصدوا في ذلك قصد الحق؛ تفرع لهم من الألباب وجودة فكرهم وإنصافهم لعقولهم ما يدلهم على معرفة خالقهم، وقدرة سيدهم ومالكهم، ودلهم ذلك على أن لما يرون من خلق أنفسهم واختلاف الليل والنهار وتصريف الرياح وغير ذلك من الأشياء خالقا، ليس كمثله شيء، ولا يشبهه من (1) ذلك كله شيء، ألا تسمع كيف يدل على نفسه، بما أبان من قدرته في خلق سمواته وأرضه، وما بث فيهما كل أوان من صنعه، وينزل من السماء بقدر من رزقه؟ فقال سبحانه: {إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين وفي خلقكم وما يبث من دآبة آيات لقوم يوقنون واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون} [الجاثية: 35]، فإذا صح للمخلوق لبه، وطاب له بالطاعة(2) قلبه، ثم فكر، وفي أمره كله تدبر؛ بان له أمر خالقه، وثبت في صدره اقتدار مصوره.
صفحہ 303