فأجاب باقتضاب: أستودعك الله.
وترامت عبارته إلى أقرب الجيران، فقال رياض الدبش دون مبالاة: مع السلامة!
وتمتم حلومة الجحش: يا خسارة!
وأثار رحيله اهتماما مؤقتا شاملا ... ورغم إرهاقه، كان يرى ما تقع عليه عيناه بوضوح شديد، فكأنه يراه لأول مرة، فمازج نفوره حنين غامض، واعترضه عم مخلوف زينهم أمام الزاوية، فتوقف دون أن يبتسم ... سأله الكهل برقة: أأنت ذاهب حقا؟
فحنى رأسه بالإيجاب فسأله: إلى أين؟
فأجاب دون مبالاة: لا علم لي بشيء. - بوسعك أن تبقى حتى تسترد ذاكرتك.
فقال بمرارة : لا أستطيع، وقلبي يحدثني بأنني لن أعرف شيئا ما دمت هنا.
فربت الرجل منكبه بحنان، وقال مسلما: في رعاية الله.
وواصل المسير تتابعه الأعين من النوافذ والدكاكين والطريق ... شيعته نظرات متضاربة من الحياد والشماتة، العطف والكراهية، السرور والحزن ... واصل المسير حتى غيبه المنعطف الأخير عن الحارة إلى الأبد.
من فضلك وإحسانك
نامعلوم صفحہ