وعبارة المصنف توهم أن النقل قسم من المجاز ومقابل للأقسام وليس كذلك، فإن النقل يعم جميع أقسام المجاز، فإن معناه تحويل اللفظ عن معناه الموضوع له إلى معنى آخر.
فقوله: {ليس كمثله شيء} منقول من الدلالة على نفي مثل المثل إلى نفي المثل.
وقوله: {واسأل القرية} منقول من الدلالة على سؤال القرية إلى سؤال أهل القرية.
ولفظ الغائط منقول من الدلالة على المكان المطمئن المعين إلى فضلة الإنسان.
وقوله: {جدارا يريد أن ينقض} منقول من الدلالة على الإرادة الحقيقية التي هي إرادة الحي إلى صورة تشبه صورة الإرادة الحقيقية.
فالمجاز كله نقل اللفظ من موضعه الأول إلى معنى آخر، لكنه قد يكون مع بقاء اللفظ على صورته من غير تغيير وهذا المجاز العارض في الألفاظ المفردة، كنقل لفظ الأسد من الحيوان المفترس إلى الرجل الشجاع، ونقل لفظ الغائط من المكان المطمئن إلى فضلة الإنسان، وقد يكون مع تغيير يعرض للفظ بزيادة أو نقصان، وهو المجاز الذي يعرض للألفاظ المركبة.
ويسمى المجاز الواقع في الألفاظ المفردة مجازا لغويا، والمجاز
الواقع في التركيب مجازا عقليا، وهو إسناد الفعل إلى غير ما هو له في الظاهر، والله أعلم.
[باب الأمر]
ولما انقضى كلامه على أقسام الكلام أتبع ذلك بالكلام على الأمر فقال:
(والأمر استدعاء الفعل بالقول لمن هو دونه على سبيل الوجوب)، بأن لا يجوز له الترك.
فقوله: (استدعاء الفعل) يخرج به النهي لأنه استدعاء الترك.
وقوله: (بالقول) يخرج به الطلب بالإشارة والكتابة والقرائن المفهمة.
وقوله: (لمن هو دونه) يخرج به الطلب من المساوي والأعلى، فلا يسمى ذلك أمرا، بل يسمى الأول التماسا، والثاني دعاء وسؤالا.
صفحہ 25