فإن قيل: حد المجاز لا يصدق على المجاز بالزيادة والنقصان؛ لأنه لم يستعمل اللفظ في غير موضوعه.
فالجواب: أنه منه، حيث استعمل نفي مثل المثل في نفي المثل وسؤال القرية في سؤال أهلها، فقد تجوز في اللفظ وتعدى به عن معناه إلى معنى آخر.
وقال صاحب التلخيص (¬1): إنه مجاز من حيث أن الكلمة نقلت عن إعرابها الأصلي إلى نوع آخر من الإعراب، فالحكم الأصلي ل (مثله) النصب؛ لأنه خبر ليس، وقد تغير بالجر بسبب زيادة الكاف، والحكم الأصلي ل (القرية) الجر، وقد تغير إلى النصب بسبب حذف المضاف.
(والمجاز بالنقل) أي بنقل اللفظ عن معناه إلى معنى آخر لمناسبة بين معنى المنقول عنه والمنقول إليه، (كالغائط فيما يخرج من الإنسان)، فإنه نقل إليه عن معناه الحقيقي وهو المكان المطمئن من الأرض، لأن الذي يقضى الحاجة يقصد ذلك المكان طلبا للستر، فسموا الفضلة التي تخرج من الإنسان باسم المكان الذي يلازم ذلك، واشتهر ذلك حتى صار لا يتبادر في العرف من اللفظ إلا ذلك المعنى، وهو حقيقة عرفية مجاز بالنسبة إلى معناه اللغوي.
فقول من قال: إن تسميته مجازا مبني على قول من أنكر الحقيقة العرفية ليس بظاهر؛ إذ لا منافاة بين كونه حقيقة عرفية ومجازا لغويا كما عرفت.
(والمجاز بالاستعارة كقوله تعالى: {جدارا يريد أن ينقض}) أي يسقط، فشبه ميله إلى السقوط بإرادة السقوط التي هي من صفة الحي دون الجماد، فإن الإرادة منه ممتنعة عادة.
والمجاز المبني على التشبيه يسمى استعارة.
صفحہ 24