قصة الخلق: منابع سفر التكوين
قصة الخلق: منابع سفر التكوين
اصناف
2
وقد وردتنا أسطورة شبه متكاملة للتكوين البابلي، في الملحمة المسماة «إينوما إيليش
Enuma Elish » التي تعني «في العلا عندما» أو «عندما في العلا»، وقد دونت في سبع لوحات، يعود تاريخ كتابتها إلى مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، وتؤكد أن مبعث الفوضى الكونية الأولى كان يعود إلى سيادة إلهة أنثى عريقة قديمة، هي الإلهة «تيامت
TIAMAT » ولنستمع إلى «بوتيرو» يسرد علينا موجزا لهذه الملحمة، فيقول:
في الأسطورة الشهيرة للخليقة، المسماة إينوما إيليش ... التي ألفها علماء الدين في بابل لتعظيم الإله مردوخ ... في الأصل لم توجد سماء ولا أرض، لكن فقط مياه في حالة من الفوضى، مكونة من إلهين أصليين، اختلطا مع بعضهما، هما الآبسو، والموموتيامت ... ونتيجة اندماج هذين الإلهين ... خرج الإله آن، الذي أولد أيا على شكله، والإله أيا قضى على الآبسو لأنه أراد تدمير نسله، وأولد مردوخ، وتبع هذا الحدث ثورة تقودها تيامت ضد الآلهة انتقاما للآبسو، وتحضر لمعركة مخيفة وتجهز مجموعة من الوحوش الكاسرة ... ويرفض الإله أيا الاشتراك وخوض الصراع ضد تيامت ويقبل الإله مردوخ النزال، للحصول على السلطة العليا ... ويجري النزال وجها لوجه، مردوخ ضد تيامت، وينتصر عليها، ويسجن جيشها المخيف ويقسم جسدها إلى نصفين، وينفخ فيه الهواء ويعمل من نصف جسدها العلوي - الذي يرميه إلى الأعلى - السماء، ومن النصف الثاني ... الأرض ... وينظم بذلك مردوخ القبة السماوية بكل نجومها، التي حاز عليها بعد نضال عنيف في تنظيم عالم الآلهة، ويتوج، ويحتفل به كسيد للآلهة السماوية، وعلى الأرض.
3
إذن: كان في الأصل غمر مظلم من الماء، ذكر هو الآبسو (عرفناه باسم آنكي أو إنسي السائل المخصب)، والمومو (أي الماما أو الأم الكبرى) تيامت (وواضح لصق اسمها من تي أم نسا الأم تي)، وبتلقيح الآبسو كسائل مخصب للأم تيامت، جاء الإله السماء «آن» وولد «أيا» الذي قضى على «آبسو» لأنه أراد تدمير نسله. (ولنلحظ الرمزية هنا: أيا إله حل محل الإله آبسو كإله للسائل المخصب في الثقافة السامية الغازية محل الثقافة السومرية. أما لماذا قضى أيا على آبسو، فلأن آبسو إله سومر، أراد تدمير نسله أيا السامي!)
ثم ولد «أيا» ابنه «مردوخ» إله الدولة والملكية المركزية ونتيجة مقتل السومري «آبسو» قامت الأم الإلهة تطالب «أيا» السامي بدمه، وهنا يقوم الإله الابن «مردوخ» بالصراع ضد «تيامت» ليحصل على السلطة العليا.
ولنفهم المعنى الأخير «لكي يحصل على السلطة العليا»، نستعين مباشرة بلوحات «الإينوما إيليش» فنجدها تقول: إن الآلهة وهي تجد نفسها مهددة من الأم البحر «تيامت» تلجأ إلى مردوخ أحدث الآلهة، إله الدولة الجديدة، لكن «مردوخ» يستفيد من ذلك، ليتجاوز سلطة مجلس السبع المقررة المصائر الخالقة، والخمسين العظام فيقول:
إذا كان علي أن أكون بطلكم
نامعلوم صفحہ