وكم أصبحتَ أخاها في منازلَةٍ ... وكم سألتَ فلم يبخَلَ ولم تَخِبِ
فبهذا البيت تعلم وتتبين أنه أراد بقوله: بمن أصبت، سيف الدولة لا أخته، وبعد: فلم نسمع أن أخت أمير مثل سيف الدولة تُباشر تجهيز الجيوش وتوجيه السرايا إلى الأعداء، وهو حي يرزق.
(يا أحسنَ الصَّبرِ زُرْ أولَى القُلوبِ بها ... وقلْ لصاحبهِ: يا أنفعَ السُّحُبِ)
قال أبو الفتح: أي زر قلب سيف الدولة، لأنه أولى القلوب بها، وصاحبه سيف الدولة، أي قل لسيف الدولة: يا أنفع السُّحب، وصار أنفع السُّحب، أن عطاءه هناء بلا منٍّ ولا أذى، والسحاب قد تُحرق صواعقه ويُهلك برده.
قال الشيخ: تهنؤ عطائه عن المنِّ والأذى مثل الوعد والمطال الحسن، لا عن مثل الصواعق والإتلاف بالبرد، فإنها بعيدة تقع في النُّدرة وطول العهد والفرط بعد الفرط والصقع بعد الصقع، وعندي إنه يريد بقوله: يا أنفع السُّحب أن عطاءها ماء وعطاءك خلع وحباء وأموال، ولعطائها انقطاع وانقضاء ولعطائك دوام وبقاء، وله نفاد وفناء ولعطائك ذكاء وبقاء، كقوله فيه:
تجفُّ الأرضُ مِن هذا الرَّبابِ ... ولا ينفكُّ غيثُكَ في انسكابِ
1 / 44