2
وقصدت الحقل دون أن تلوي على شيء.
سطع نور الفجر من جهة الشرق، وصفوف السحب الذهبية كانت تنتظر شروق الشمس انتظار رجل القصر للملك، إن السماء الصافية وغضاضة الصباح ورطوبته والندى والنسيم العليل وزقزقة العصافير كل ذلك ملأ قلب ليزا بابتهاج الأطفال وانشراحهم، وخيفة أن يصادفها أحد كانت تظهر أنها تطير ولا تمشي، ولما قربت من الغابة المتاخمة لأملاك والدها خففت السير لأنها تنتظر مقابلة أليكسي في هذا المكان، وجعل قلبها يخفق بشدة دون أن تدري لذلك سببا، ولكن الخوف الذي يتبع طيشنا ومرحنا في الصغر أبدع وألذ ما فيه، ثم دخلت ليزا في ظلام الغابة فحياها حفيف أشجارها وهنا خفت سرورها وابتهاجها واستسلمت للأفكار العذبة. أجل جعلت تفكر! ولكن من يستطيع معرفة ما تفكر به فتاة في السابعة عشرة من عمرها وهي منفردة في غابة عند الساعة السادسة من صباح أيام الربيع؟ وعليه كانت تسير على درب على جانبيها أشجار باسقة، وفيما هي مستسلمة لأفكارها فاجأها عواء كلب سلوقي جميل، فاضطربت ليزا وصاحت، وفي هذا الوقت خرج صوت عال يقول:
tout beau Sbogar, ici
وظهر على أثره الصياد الشاب من وراء شجيرة، وقال: لا تخافي يا عزيزتي، إن كلبي لا يعض، وكانت ليزا قد تمكنت من استعادة طمأنينتها وذهاب خوفها، وانتهزت هذه الفرصة للانتفاع بها.
فقالت: كلا يا سيد، وتظاهرت ببعض الخوف والحياء.
ثم قالت أيضا: إني خائفة، فما أشر هذا الكلب! إنه يحاول الهجوم علي.
أما أليكسي (ولا بد أن القارئ عرفه) فقد وجه نظره إلى القروية ولم يحوله عنها، وقال لها: إني أرافقك وأوصلك إذا كنت خائفة، وهل تأذنين لي بالسير إلى جانبك؟
فأجابته: ومن يعارض في ذلك؛ لأن المستقل له ملء الحرية والطريق عام.
فقال لها: من أين أنت؟ - من قرية «بريلوتشينا» ابنة باسيل الحداد، جئت لأجمع الفطر (كمأة) وكانت تحمل سلة مربوطة بحبل، ثم قالت له: وأنت أيها السيد من أين؟ أظن أنك من قرية توغيلوفر. - نعم وإني خادم رب القرية الشاب. قال أليكسي ذلك ليساوي بينها وبينه في المنزلة والنسبة، ولكن ليزا ألقت عليه نظرة وضحكت، وقالت: ألا تكذب بهذا! إنك لا تخاطب حمقاء، وإني أرى أنك سيد القرية بنفسك!
نامعلوم صفحہ