وأقامت له ليانا جنازة ضخمة ضمت عشرة قسيسين ومطرانا وعربة، وقربانا وراية كنيسة الترينيتين وزهورا وشموعا وأقمشة حداد، حتى أخذ من شاهدوا تلك الجنازة يقولون: «يا للجمال! يستطيع أن يكون راضيا.»
ومشت ليانا على رأس الموكب ومن خلفها عدد من الشيوخ، ومن بينهم ناظر أملاك الكنيسة الذي سأله أحد الشيوخ قائلا: هل ترك ثروة كبيرة؟ فأجابه الناظر: مليونا. - كم؟ ... مليونا؟! - مليون! أي عشرة من مئات الآلاف! - مسكين أيها الحاج! - لو أنه رأى كل ما أنفق على جنازته!
فقال أحد الشيوخ: «لمات.»
واخترقت العربة وهي تهز جلاجلها الفضية فناء الكنيسة، بينما كانت أصوات خافتة تترنم بصلاة الموتى: «فلتخلد ذكراه ... فلتخلد ذكراه.»
تيودور أرغيزي (1880)
يعتبر تيودور أرغيزي أكبر شاعر روماني بعد إيمينسكو، وقد دفعه القلق الأصيل في طبيعته وسط ظروف المجتمع الروماني في سنة 1900 إلى أن يحيا حياة متنوعة متناقضة خصبة التجارب، فعمل تباعا راهبا وصحفيا وحرفيا في رومانيا، أو في سويسرا حيث أقام زمنا طويلا.
وقد كرس أرغيزي جهده - في حماسة حارة لا تخبو - للشعر، كلما فرغ من تحرير تحقيقاته الصحفية الهادرة ضد مظالم وفساد الحكم البرجوازي، ومجموعة أشعاره الأولى «أقوال متجانسة» سنة 1927، تبعتها مجموعات أخرى مثل: «أزهار العفونة»، و«أشعار المساء»، و«سبع أغان»، و«الفم المغلق»، و«الأعشاب السيئة» ... إلخ.
وأخيرا الحلقتان الكبيرتان: «أغنية الإنسان» التي يحدد فيها أرغيزي وضعه التقدمي في معركة ازدهار المجتمع الاشتراكي، و«حلقة 1907» التي يرسم فيها صورة درامية لثورات الفلاحين سنة 1907، ويهاجم في عنف القمع الدموي الذي قوبلت به من الطبقات المسيطرة، ولنذكر من بين مؤلفاته النثرية: «أيقونات من الخشب»، و«الباب الأسود»، و«لوحات من مقاطعة كوتي»، و«كتاب اللعب» الذي يضم: «صور جديدة» و«ميداليات»، ثم روايات «عيون العذراء»، و«جبانة البشرى»، و«لينا.»
وفي الشعر والنثر على السواء قلب أرغيزي التعبير الأدبي رأسا على عقب بأنه أضفى عليه المعاني الجديدة النابعة من عبقريته الغنائية والساخرة، تشبيهاته الخام غير المسبوقة، ووضع كل ذلك في خدمة نزعة إنسانية مكافحة محبة للبشر والطبيعة والزهور والحيوانات.
وإلى جوار ميخائيل سادوفيانو - الذي توفي أخيرا - لا يزال الأكاديمي تيودور أرغيزي الدائم النشاط، الكاتب الكلاسيكي الكبير في الأدب الروماني رغم تجاوزه الثمانين من عمره. (1) ميلا
نامعلوم صفحہ