رد السلام ومكافأته في الفضل والإنعام، إما بالموجود أو بالدعاء والإكرام، وموافاته بالتودد بلا تكبر ولا احتشام، وكف الأذى عنه في القول والفعل والظن والأوهام، فهذا العدل الذي يجب للمسلم على المسلم.
وأما الإحسان : فهو مرتبة العدل من الابتداء بالفضل والسماحة بالبذل لمن يستحق ، ولمن لا يستحق ، وهذا الذي تسميه طائفة من الصوفية الفتوة، وفيه يكون احتمال الأذى، ومكافأة المسيء بالإحسان، وفي مرتبة العدل ليس كذلك؛ فإنه إذا اقتص من ظالمه ولم يتعد عليه فإنه يكون عادلا، ولا يسمى محسنا كما قال الله تعالى (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين).
فالأول مرتبة العدل، والصبر مرتبة الإحسان، ومكافأة المسيء بالإحسان شعار الصديقين، وهو من كمال مرتبة الإحسان، فهو إحسان الإحسان ، وهذا كله في حق الأدميين.
وأما الإساءة من الشخص في حق الله تعالى بارتكاب محارمه إذا ظهرت، فالعدل إزالتها كيف أمكن؛ إما باليد، وإما باللسان، وإما بالقلب، وذلك أضعف الإيمان كما جاء في الحديث، ولا يتوصل إلى رضا الحق تعالى بغير ذلك، ولا تبرأ الذمة بغيره.
وأما الإحسان في ذلك بعد إزالة المنكر باليد أو باللسان التقرب إلى العامي وحسن النصيحة له ، واستجلابه بما تعلم أنه ينجذب به، إما من بذل مال له، أو بذل طعام، أو بذل إكرام أو طيب
صفحہ 94