لكن صلاح القلب في الابتداء يكون بإصلاح حركات الجوارح ، فيسري الصلاح من الظاهر إلى الباطن ابتداء ، ثم ينعكس الأمر ، إذا بلغ العبد طور القلب، فينصلح القلب طبيعة ، بعد أن كان صلاحه عارضا، ثم يسري الصلاح من الباطن إلى الظاهر، بعد أن كان سريانه من الظاهر إلى الباطن.
وعلامة صلاح القلب تأدبه بين يدي مولاه وخالقه، في خواطره وهمومه، وعزائمه وقصوده.
عن صلاح القلب يكون حال التوبة، وحال الورع، وحال الزهد، وحال الصبر، وحال الشكر، وحال الخوف، وحال الرجاء، وحال التوكل، وحال الرضا، وحال الحب، وحال الشوق وحال التوحيد، فإن هذه كلها أعمال القلب وحركاته ومساعيه ونطقه، كما روي عن بعضهم أنه قال: التوحيد نطق القلب، والتوكل عمله.
وهذه الأعمال إنما تظهر من القلب عند عمارته بصلاح حركات الجوارح من الأعمال الصالحة ، وسياسة القوى النفسانية عن التعدي .
واستعمال العدل فيها، واجتناب الظلم في مساعيها، وامتلاء أوعية العقل من العلوم النافعة، والسياسات الشرعية، فينكشف من مجموع هذه العلوم والأعمال هيئة اجتماعية في القلب الإنساني ، المركب في القلب الجسمي الصنوبري الشكل، فذلك هو الذي يسمى القلب، لا مجرد المضغة الصنوبرية، فعند ذلك يشرق القلب بنور الإيمان والمعرفة والتوحيد، ويظهر منه مثل هذه الأحوال والأعمال، لأن
صفحہ 88