الطور التاني : طور القوى النفسانية :
وطريق قطعها بغلبة هواه وقهره، والحكم بالعقل عليها، فإن فيها قوة شهوانية، وقوة غضبية متى استعملت الشهوة في حدها المشروع، ولم يتعد السالك فيها إلى حد لم يشرع له، بأن يكون العقل حاكما عليهما وسائسا لهما، ترقى إلى قطع هذا الطور وتعمير مرتبته، وذلك هو عبودية الله تعالى في هذا الطور.
والشهوة قوة واحدة، لكن تختلف متعلقاتها، فمنها شهوة الأكل، واللباس، والاجتماع، والنظر، والنكاح، والرياسة، وكل أمر يترامى إليه الطبع، فيفتقر كل من ذلك إلى سياسة شرعية، كما أمر الله تعالى ، ورسوله.
والسياسة الشرعية أن يعطي النفس من ذلك ما كان حقا لها، تدعو حاجته إليه ويمنعها من ذلك ما كان حظا يستغني عن تعاطيه.
والقوة الغضبية قوة واحدة، لكن تختلف - أيضا - أسبابها وموجباتها، فطريق سياستها ألا تطلق إلا في حق الله، وتخمد وتكظم إذا كانت غضبا على فوت حظ النفس، من الأقسام العاجلة، ثم إذا أطلقت لله ينبغي أن يكون الانتقام على الحد الذي شرعه الله تعالى، ولا يتجاوز إلى غيره ، فذلك حد سياسة هذه القوى إن شاء الله تعالى.
الطور الثالث : طور العقل:
وطريق قطعه بعد صلاح الطورين الأولين، فمتى صلحا واستقرا على ما ينبغي تفرغ الإنسان لقطع طور العقل، ومتى كان الإنسان منهما في معالجة لم تصف أوقاته لقطع طور العقل، فإذا تفرغ من
صفحہ 86