السنة، وخففهما، واضطجع عقيبهما، كما وردت به السنة، ثم خرج إلى مسجد الجماعة لصلاة الفجر، ثم عاد إلى دولابه الدائر حتى يأتيه اليقين.
وأما عمل يوم وليلة السائرين إلى منازل المقربين، فهو أن أحدهم يبيت مهموما بمحبة الله عز وجل، قد حشت المحبة عروقه وأوصاله، وامتلأ باطنه من ذكر الحبيب، فأنساه ذكر غيره، فإذا انقلب إلى فراشه صعدت أنفاسه المحترقة إلى مولاه؛ ذكر وجوده واطلاعه، فربما سلب حلاوة النوم أحيانا، فهم أهل الأرق والقلق، لولا أن الله عز وجل من عليهم بالسكينة والراحة، لتقلقلت أدمغتهم يبسا، وضعفت أوصالهم وهنا، لأن العزيز - سبحانه - تلطف بهم، فحجبهم أحيانا ليعود إليهم روعهم، فتدوم عافية أجسامهم، ولا يرى عليهم أثر ذلك، لأن الصدق غطى عليهم أحوالهم، فهم يتحدثون كما يتحدث الناس، ولا يعلم الناس ما انطوى عليه بواطنهم من ذلك.
فإذا استيقظوا من منامهم ، صعدت إليه همومهم ، مشتاقة طالبة عاكفة محبة، كالحبيب الذي غاب عن محبوبه ومألوفه بالمنام، فلما استيقظ عاد إلى الحنين إليه، وإلى وجوده، ثم ينهض إلى ما ينهض إليه الأبرار، من الأعمال المأمور بها.
فإذا صلى صلاة الصبح ذكروه بما تيسر من الأذكار المشروعة، فإذا فرغوا أطرقوا بين يديه، هيبة وإجلالا، وسلموا إليه ملكه وتدبيره فلم يزاحم تدبيرهم تدبيره، ولا اختيارهم اختياره، وجدوه ملكا قاهرا قابضا على نواصي الخلق، هو المتولي لدولة أمورهم، في أسواقهم
صفحہ 73