رجاله، ويجب النظرُ في أحوالهم سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله ﷺ؛ لأنَّ عدالَةَ الصحابة ثابتةٌ معلومةٌ بتعديل الله لهم، وإخباره عن طهارتهم، واختياره لهم في نص القرآن" ثمَّ ذكر الآيات والأحاديث في ذلك.
ومِمَّا يوضِّحُ ذلك أنَّ دواوينَ السنَّة صحاحها وجوامعها وسننها ومسانيدها ومعاجمها وغير ذلك مشتملةٌ على الرواية عن الصحابة على الإبهام، وما ثبت بالإسناد إليهم فهو حجَّةٌ عند أهل السنَّة، ولا تؤثِّر جهالتُهم؛ لأنَّ المجهول منهم في حكم المعلوم.
ثمَّ إنَّ قولَ أهل السُّنَّة والجماعة بعدالة الصحابة لا يعنِي عصمتهم؛ لأنَّ العصمةَ عندهم لا تكون إلاَّ للرُّسُل والأنبياء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية (ص: ٢٨): "وهم مع ذلك (يعنِي أهل السنة والجماعة) لا يعتقدون أنَّ كلَّ واحدٍ من الصحابة معصومٌ عن كبائر الإثم وصغائره، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السَّوابِق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، حتى إنَّهم يُغفر لهم من السيِّئات ما لا يُغفر لِمَن بعدهم، وقد ثبت بقول رسول الله ﷺ أنَّهم خير القرون، وأنَّ المُدَّ من أحدِهم إذا تصدَّق به كان أفضلَ من جبل أُحُد ذهبًا مِمَّن بعدهم، ثمَّ إذا كان قد صدر عن أحدٍ منهم ذنبٌ فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غُفر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد ﷺ الذي هم أحقُّ الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفِّر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المُحقَّقة فكيف الأمور التي كانوا فيها مُجتهدين، إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور.