73

فالباحثون اليوم في علم الأجناس لا ينفون وجود الفوارق بين جنس وجنس منها، ولا يقولون: إن النوع الإنساني كله جنس واحد لا تمييز فيه بين الصفات الجسدية والعقلية، ولكنهم يقللون من المبالغة في أصالة هذه الفوارق، ويقولون: إنه تتغير أحيانا بتغير المعيشة والبيئة، وإن الصفات المميزة لكل جنس منها قد تنتقل إلى الجنس الآخر بالتربية والقدوة، وتعود المعيشة والمعاملة في مثل أحواله وظروفه، وقد انتقل منها الكثير حتى الآن، إما لطول الاختلاط بين الأمم، وإما لكثرة التبدل والتطور في ظروف المعيشة، وإما لوقوع الاختلاف الطبيعي بين أفراد الأمة الواحدة والجنس الواحد كما يحدث في الأسرة الواحدة فضلا عن البلد والإقليم.

وما من صفة من صفات البنية والتركيب ثبت بعد البحث والمقارنة أنها خاصة مقصورة على جنس واحد لا يتصف بها جنس آخر إذا تعرض لظروفه وملابساته، فشكل الرأس بين الاستدارة والاستطالة كان معدودا من العلامات الفاصلة بين الأجناس، فظهر من بحوث العالم الأمريكي فرانز بواس

Franz Boas

أنها علامة تتغير بتغير البيئة، وأن الأطفال المهاجرين من بلاد أخرى تختلف أشكال جماجمهم ولا تشبه جماجم آبائهم كل الشبه مع تبدل الموطن والمعيشة، وأبناء السويد - كما هو معلوم - معدودون من خلاصة الأجناس الشمالية أو النوردية، ولكن العالمين ريتزيوس

Retzius

وفورست

Furst

سجلا نتيجة الكشف على خمسة وأربعين ألف شاب من المطلوبين للتجنيد فتبين لهما أن الصفات المخصصة للجنس الشمالي الخالص لا تجتمع لأكثر من خمسة آلاف منهم، وإن الذين تجتمع لهم هذه الصفات في إقليم من أقاليم الشمال على نحو أربعين في المائة، وقد أعيد إجراء هذه البحوث بعد ثلاثين سنة، وسجلت صفات سبعة وأربعين ألفا من المجندين فتبين أن واحدا وثمانين في المائة منهم كانوا رق العيون زرقة خفيفة، وأن ثمانية في المائة منهم لهم عيون مشوبة اللون، وأن خمسة في المائة منهم لهم عيون بنية، أما لون الشعر فقد كان في سبعة في المائة منهم كتانيا، وفي ثلاثة وستين في المائة بنيا خفيفا، وفي خمسة وعشرين في المائة بنيا مسودا، وفي ثلاثة في المائة أحمر أو أدنى إلى احمرار. وسجلت العلامة الكبرى - أو العلامة الأولى - من علامات الفوارق بين الأجناس، وهي شكل الجمجمة، فظهر أن أصحاب الجماجم المستطيلة لا يزيدون على ثلاثين في المائة، وأن ستة وخمسين في المائة منهم متوسطون بين الاستطالة والاستدارة، وأن أربعة عشر في المائة عراض الرءوس، وظهر أن لون الشعر ولون العين يقتربان، ولكن لا صلة لهذا اللون أو ذاك بطول القامة وتركيب الدماغ.

هذا غاية ما انتهى إليه صفاء المزايا العنصرية في بلاد السويد، وهي أقصى البلاد شمالا، وأبعدها عن الاختلاط بأمم الجنوب، وتسفر الإحصاءات عن نتيجة كهذه النتيجة في سكان البلاد الجرمانية، ففيها أصحاب العيون الزرق، والجماجم المستطيلة، والقامات الطوال، وفيها الملايين ممن يشبهون أهل الجنوب ويسمونهم بالسلالة الألبية، نسبة إلى جبال الألب، وفيها وسط بين هؤلاء وهؤلاء موزعين بين الأقاليم الشرقية والغربية وبين الشمال والجنوب.

1

نامعلوم صفحہ