35 - دعاء على جار بخيل!
* ابن عبد ربه في ((العقد الفريد)):
كتب أبو الأسود الدؤلي إلى رجل يستسلفه، فكتب إليه: المؤونة كثيرة، والفائدة قليلة، والمال مكذوب عليه. فكتب إليه ابو الأسود: إذا كنت كاذبا فجعلك الله صادقا، وإن كنت صادقا فجعلك الله كاذبا.
36 - تعصيه في الخير وتطيعه في الشر
* وفيه أيضا:
سأل عبد الرحمن بن حسان بن ثابت من بعض الولاة حاجة، فلم يقضها، فتشفع إليه برجل فقضاها، فقال:
ذممت ولم تحمد وأدركت حاجتي تولى سواكم أجرها واصطناعها
أبي لك كسب المجد رأي مقصر ونفس أضاق الله بالخير باعها
إذا هي حثته على الخير مرة عصاها وإن همت بشر أطاعها
37 - أب يسر بوفاة ابنه
* أبو عمر بن قدامة المقدسي في ((مختصر منهاج القاصدين)) لابن القيم:
لما مات عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز دفنه عمر وسوى عليه (التراب) ثم استوى قائما، فأحاط به الناس، فقال: رحمك الله يا بني! قد كنت برا بأبيك، والله ما زلت مذ وهبك الله لي مسرورا بك، ولا والله ما كنت قط أشد منك سرورا، ولا أرجي بحظي من الله تعالى فيك منذ وضعتك في هذا المنزل الذي صيرك الله إليه.
38 - طول ليل الحزين
* أبو علي القالي في ((أماليه)):
وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال: أنشدنا أبو حاتم - ولم يسم قائله - في طول الليل:
ألا هل على الليل الطويل معين إذا نزحت دار وحن حزين؟
أكابد هذا الليل حتى كأنما على نجمه - ألا يغور - يمين
فوالله ما فارفتكم قاليا لكم ولكن ما يقضى فسوف يكون
وقد ذكر الفرزدق العلة في طول الليل فقال:
يقولون طال الليل والليل لم يطل ولكن من يبكي من الشوق يسهر
39 - من أيمان العرب
* وفيه أيضا:
من أيمان العرب: لا والذي أخرج العذق من الجريمة (أي النخلة من النواة) والنار من الوثيمة (أي قدح حوافر الخيل النار من الحجارة).
ويقولون: لا والذي شق خمسا من واحدة، يعنون: الأصابع.
ويقولون: لا والذي أخرج قائبة من قوب، يعنون: فرخا من بيضة.
ويقولون: لا والذي وجهي زمم بيته، أي قصده وحذاءه.
40 - أحق الناس
* قال ابن المقفع في ((الأدب الصغير)):
أحق الناس بالسلطان أهل المعرفة (أي أحقهم بالملك والحكم أهل المعرفة بسياسة الملك) وأحقهم بالتدبير العلماء، واحقهم بالفضل أعودهم على الناس بفضله، وأحقهم بالعلم أحسنهم تأديبا، وأحقهم بالغنى أهل الجود، واقربهم إلى الله أنفذهم في الحق علما وأكملهم به عملا، وأحكمهم أبعدهم من الشك في الله، وأصوبهم رجاء أوثقهم بالله، وأشدهم انتفاعا بعلمه أبعدهم عن الأذى، وأرضاهم في الناس أفشاهم معروفا؛ وأقواهم أحسنهم معونة ، وأشجعهم أشدهم على الشيطان، وأفلحهم بحجة أغلبهم للشهوة والحرص؛ وآخذهم بالرأي أتركهم للهوى، وأحقهم بالمودة أشدهم لنفسه حبا، وأجودهم أصوبهم بالعطية موضعا، وأطولهم راحة أحسنهم للأمور احتمالا، وأقلهم دهشا أرحبهم ذراعا، وأوسعهم غنى أقنعهم بما أوتي، وأخفضهم عيشا أبعدهم من الإفراط، وأظهرهم جمالا أظهرهم حصافة، وآمنهم في الناس أكلهم نابا ومخلبا، وأثبتهم شهادة عليهم أنطقهم عنهم؛ وأعدلهم فيهم أدومهم مسالمة لهم، وأحقهم بالنعم أشكرهم لما أوتي منها.
41 - أمارات السلاطين لندمانهم إذا أرادوا النهوض
* الراغب الأصبهاني في ((محاضراته)):
كان لكل ملك أمارة يستدل بها أصحابه إذا أراد أن يقوموا عنه، فكان أزدشير إذا تمطى قام سماره، وكان ((كيشاسف)) يدلك عينيه، و((يزدجرد)) يقول: شب بشد (مضى الليل) و((بهرام)) يقول: خرم (المسرور، ومستريح الحال) و((سابور)) يقول: حسبك يا إنسان، و((أبرويز)) يمد رجليه، و((قباذ)) يرفع رأسه إلى السماء، و((أنو شروان)) يقول: قرت أعينكم، وكان عمر يقول: قامت الصلاة، وعثمان يقول: العزة لله، ومعاوية يقول: ذهب الليل، وعبد الملك يقول: إذا شئتم، والوليد يلقي المخصرة، والرشيد يقول: سبحان الله، والواثق يمس عارضيه. وحكي عن بعض البخلاء أنه سئل: ما أمارتك لقيامنا؟ قال: قولي: يا غلام هات الطعام!
42 - يوم الأذان!
* وفيه أيضا:
دخل رجل على سليمان بن عبد الملك فقال له: اذكر يا أمير المؤمنين ويم الأذان! قال: وما يوم الأذان؟ قال: اليوم الذي قال الله تعالى فيه: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين) فبكى سليمان وأزال ظلامته.
43 - عاق يحتج لعقوقه!
* وفيه أيضا:
ضرب رجل أباه فقيل له: أما عرفت حقه؟ قال: لا، للأنه لم يعرف حقي. قيل: فما حق الولد على الوالد؟ قال: أن يتخير أمه، ويحسن اسمه، ويختنه، ويعلمه القرآن، ثم كشف عن عورته فإذا هو أقلف، وقال: اسمي ((برغوث)) ولا أعلم حرفا من القرآن، وقد استولدني من زنجية، فقيل للوالد: احتمله فإنك تستاهل. .
44 - الحمدلله الذي لم يجعل ذلك على يدي
* أبو عبيد في ((الأموال)):
أتي عمر بن الخطاب بمال كثير - قال أبو عبيد: أحسبه قال : من الجزية - فقال: إني لأظنكم قد أهلكتم الناس! قالوا: لا والله ما أخذنا إلا عفوا صفوا، قال: بلا سوط ولا نوط (¬1)؟ قالوا: نعم! قال: الحمدلله الذي لم يجعل ذلك على يدي ولا في سلطاني.
45 - هكذا يكون الإيمان الصادق
* وروى أبو عبيد في ((الأموال)) بسنده إلى الليث بن سعد عن محمد بن عجلان أن عمر رضي الله عنه فضل أسامة بن زيد في فرض العطاء على ولده عبدالله بن عمر، قال:
فلم يزل الناس بعبدالله بن عمر حتى كلم عمر فقال: أتفضل علي من ليس بأفضل مني؟ فرضت له في ألفين، وفرضت لي في ألف وخمسمائة، ولم يسبقني إلى شيء؟ فقال عمر: فعلت ذلك لأن زيد بن حارثة كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمر، وأن أسامة كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبدالله بن عمر!. . وفي رواية أخرى: أن زيدا كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك، وإن أسامة كان أحب إليه منك!. .
46 - الشعر عند أدباء الكتاب
* الصفدي في ((شرح لامية العجم)):
قال الجاحظ: طلبت علم الشعر عند الأصمعي فوجدته لا يعرف إلا غريبه، فرجعت إلى الأخفش فوجدته لا يتقن إلا إعرابه، فعطفت على أبي عبيدة فرأيته لا ينقل إلا فيما اتصل بالأخبار وتعلق بالأنساب والأيام، فلم أظفر بما أردت إلا عند أدباء الكتاب، كالحسن بن وهب، ومحمد بن عبدالملك.
47 - غرور الكيميائيين القدامى
* وفيه أيضا في ترجمة ((الظغرائي)) صاحب ((لامية العجم)):
وقد ألف كتبا في الكيمياء. ومن شعره قوله:
أما العلوم فقد ظفرت ببغيتي منها فما أحتاج أن أتعلما
وعرفت أسرار الخليقة كلها علما أنار لي البهيم المظلما
وورثت هرمس سر حكمته الذي ما زال ظنا في الغيوب مترجما
وملكت مفتاح الكنوز بفطنة كشفت لي السر الخفي المبهما
لولا التقية كنت أظهر معجزا من حكمتي يشفي القلوب من العمى
أهوى التكرم والتظاهر بالذي علمته والعقل ينهى عنهما
وأريد لا ألقى غبيا موسرا في العالمين ولا لبيبا معدما
والناس إما ظالم أو جاهل فمتى أطيق تكرما وتكلما؟
48 - دفاع عن المأمون
* وفيه أيضا:
حدثني من أثق به أن الشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية رحمه الله كان يقول: ما أظن أن الله يغفل عن المأمون، ولا بد أن يقابله على ما اعتمده مع هذه الأمة من إدخال هذه العلوم الفلسفية بين أهلها.
(قلت) إن المأمون لم يبتكر النقل والتعريب، بل نقله قبله كثير، فإن يحيى بن خالد البرمكي عرب من كتب الفرس كثيرا مثل ((كليلة ودمنة)) وعرب لأجله كتاب ((المجسطي)) من كتب اليونان، والمشهور أن أول من عرب كتب اليونان خالد بن يزيد بن معاوية، كما أولع بكتب الكيمياء.
ثم قا لالصفدي: والخلاف ما زال في هذه الأمة منذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم: في موته ودفنه، وأمر الخلافة بعده، وأمر ميراثه، وأمر قتال مانعي الزكاة، إلى غير ذلك، بل في نفس مرضه صلى الله عليه وسلم لما قال: (ائتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي)) على ما هو مذكور في مواطنه. وقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه أنه عليه أفضل الصلاة والسلام قال: ((إن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة)). وهو صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، قد أخبر أن الأمة ستفترق، ومتى افترقت خالف بعضها بعضا، ومتى خالفت تمسكت بشبه وحجج، ةناظر كل فرقة من يخالفها، فانفتح باب الجدل، واحتاج كل واحد إلى ترجيح مذهبه وقوله بحجة عقلية، أو نقلية، أو مركبة منهما؛ فهذا الأمر كان غير مأمون قبل المأمون، ثم زاد الشر شرا، وقويت به حجج المعتزلة وغيرهم، وأخذ اصحاب الأهواء ومخالفو السنة مقدمات عقلية من الفلاسفة، فأدخلوها في مباحثهم، وفرجوا بها مضايق جدالهم، وبنوا عليها قواعد بدعهم، فاتسع الخرق على الراقع، على أن السنة الشريفة مرفوعة المنار، وأهل السنة فتح لهم السلف الصالح مغلق أبوابها، وذللوا بالشواهد الصادعة ما جمع من صعابها.
صفحہ 21