لذي أربة في القول جدا ولا هزلا
سموت إلى العليا بغير مشقة
فنلت ذراها لا دنيا ولا وغلا
ومن الخطباء بني هاشم أيضا داود بن علي، وكان يكنى أبا سليمان، وكان أنطق الناس وأجودهم ارتجالا واقتضابا للقول، ويقال: إنه لم يتقدم في تحبير خطبة قط، وله كلام كثير معروف محفوظ. ومنهم عبد الله بن الحسن، ومن خطباء بني هاشم، ثم من ولد جعفر بن سليمان بن جعفر والي مكة، قال المكي: سمعت مشايخنا من أهل مكة يقولون: إنه لم يرد عليهم أمير منذ عقلوا الكلام إلا وسليمان أبين منه قاعدا، وأخطب منه قائما، وكان داود بن جعفر إذا خطب اسحنفر (مضى مسرعا فلم يرده شيء) وكان في لسانه شبيه بالرثة، وكان أيوب فوق داود في الكلام والبيان، ولم يكن له مقامات داود في الخطب، وكان إسماعيل بن جعفر من أدق الناس لسانا وأحسنهم بيانا.
ومن خطباء بني هاشم جعفر بن حسن بن الحسين بن علي، وكان أحد من ينازع زيدا في الوصية، فكان الناس يجتمعون ليسمعوا مجاوباتهما فقط، وجماعة من ولد العباس في عصر واحد لم يكن لهم نظراء في أصالة الرأي ، وفي الكمال والجلالة، وفي العلم بقريش والدولة، وبرجال الدعوة، مع البيان العجيب، والغور البعيد والنفوس الشريفة، والأقدار الرفيعة، وكانوا فوق الخطباء، وفوق أصحاب الأخبار، وكانوا يجلون عن هذه الأسماء، إلا أن يصف الواصف بعضهم ببعض ذلك، منهم عبد الملك بن صالح، وعبد الله بن صالح، والعباس بن محمد، وإسحاق بن عيسى، وإسحاق بن سليمان، وأيوب بن جعفر، هؤلاء كانوا أعلم بقريش وبالدولة وبرجال الدعوة من المعروفين برواية الأخبار، وكان عبد الله بن علي وداود بن علي يعدلان بأمة من الأمم، ومن مواليهم إبراهيم ونصر ابنا السندي، فأما نصر فكان صاحب أخبار وأحاديث، وكان لا يعدو حديث ابن الكلبي والهيثم. وأما إبراهيم فإنه كان رجلا لا نظير له وكان خطيبا، وكان ناسبا، وكان فقيها، وكان نحويا عروضيا، وحافظا للحديث راوية للشعر شاعرا، وكان فخم الألفاظ، شريف المعاني وكان كاتب القلم كاتب العمل.
ومن خطباء تميم جحدب، وكان خطيبا راوية، ومن ولد المنذر عبد الله بن شبرمة بن طفيل بن هبيرة بن المنذر، وكان فقيها عالما قاضيا، وكان راوية شاعرا، وكان خطيبا ناسبا، وكان حاضر الجواب مفوها، وكان لاجتماع هذه الخصال فيه يشبه بعامر الشعبي، وكان يكنى أبا شبرمة. ومن الخطباء المشهورين في العوام والمقدمين في الخواص خالد بن صفوان الأهتمي. ومن خطباء بني ضبة حنظلة بن ضرار، وقد أدرك الإسلام وطال عمره حتى أدرك وقعة الجمل. ومن خطباء بني ضبة وعلمائهم مثجور بن غيلان خرشة، وكان مقدما في المنطق.
ومن خطباء الخوارج حبيب بن جدرة وقطري بن الفجاءة، وله خطبة طويلة مشهورة وكلام كثير محفوظ. ابن صديقة وهو القاسم بن عبد الرحمن بن صديقة، وكان صفريا خطيبا ناسبا، ويشوبه ببعض الظرف والهزل، ومن علماء الخوارج شبيل بن غرزة الضبعي صاحب الغريب، وكان راوية خطيبا وشاعرا ناسبا، ومن الخطباء المذكورين روح بن زنباع والحجاج بن يوسف، وعبد الأعلى بن عبد الله بن عامر، ويزيد بن عبد الله بن رؤبة الشيباني، ومن خطباء الخوارج وعلمائهم عمران بن حطان، ومن علمائهم حبيب بن خدرة الهلالي، ومنهم المقعطل قاضي عسكر الأزارقة أيام قطري، ومنهم عبيدة بن هلال اليشكري، ومنهم الضحاك بن قيس ومنهم نصر بن فلحان.
ومن الخطباء معبد بن طوق العنبري، ومن خطباء عبد القيس مصقلة بن رقبة، وكرب بن رقبة، ومن الخطباء قيس بن خارجة، وكان أبو عمار الطائي خطيب مذحج كلها، ومن الخطباء أيوب بن القرية، ومن خطباء غطفان في الجاهلية خويلد بن عمر، والعشراء بن جابر بن عقيل بن هلال بن سمي بن مازن بن فزارة، وخويلد خطيب يوم الفجار، ومن الخطباء الوضاح بن خيثمة ، ومن أصحاب الأخبار والنسب والخطب، والحكام عند أصحاب النفورات بنو الكواء، ومن الخطباء القدماء كعب بن لؤي، وكان يخطب العرب عامة، ويحض كنانة خاصة على البر، فلما مات أكبروا موته فلم تزل كنانة تؤرخ بموت كعب بن لؤي إلى عام الفيل.
ومن الخطباء الأبيناء العلماء الذين جروا من الخطابة على أعراق قديمة شبيب بن شيبة، قال أبو الحسن: كان أبو بكر خطيبا، وكان عمر خطيبا، وكان عثمان خطيبا، وكان علي خطيبا، وكان من الخطباء معاوية، ويزيد، وعبد الملك، ومعاوية بن يزيد، ومروان، وسليمان بن الوليد، ووليد بن يزيد، والوليد بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، ومن خطباء بني هاشم زيد بن علي، وعبد الله بن حسن، وعبد الله بن معاوية خطباء لا يجارون، ومن خطباء النساك والعباد الحسن بن أبي الحسن البصري، ومطرف بن عبد الله الحرشي، ومورق العجلي، وبكر بن عبد الله المزني، ومحمد بن واسع الأزدي، ويزيد بن أبان الرقاشي، ومالك بن دينار السامي، وليس الأمر كما قال في هؤلاء القاص المجيد، والواعظ البليغ، وذو المنطق الوجيز، فأما الخطب فإنا لا نعلم أحدا يتقدم الحسن البصري فيها، وهؤلاء وإن لم يسموا خطباء فإن الخطيب لم يشق غبارهم.
ومن الخطباء من بني عبد الله بن غطفان أبو البلا، وكان راوية ناسبا، ومنهم هاشم بن عبد الأعلى الفزاري، ومن الخطباء حفص بن معاوية الغلابي، ومن بني هلال بن عامر زرعة بن ضمرة، وكان ابنه النعمان بن زرعة بن ضمرة من أخطب الناس. ومن الخطباء عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي، ومن خطباء بني تميم عمرو بن الأهتم، وكان يدعى المكحل لجماله، لم يكن في بادية العرب في زمانه أخطب منه، ومن بني منقر عبد الله بن الأهتم، وكان خطيبا ذا مقامات ووفادات، ومنهم صفوان بن عبد الله بن الأهتم، وكان خطيبا رئيسا، وابنه خالد بن صفوان، ومنهم عبد الله بن عبد الله بن الأهتم، وقد ولي خراسان ووفد على الخلفاء وخطب عند الملوك، ومن ولده شبيب بن شيبة بن عبد الله بن عبد الله بن الأهتم، وعبد الله بن عبد الله بن عبد الله بن الأهتم وخاقان بن الأهتم، ومن خطبائهم محمد الأحول بن خاقان، وكان أخطب بني تميم، ومن خطبائهم معمر بن خاقان، ومن خطبائهم مؤمل بن خاقان، ومن خطبائهم خاقان بن المؤمل بن خاقان، ومن بني منقر الحكم بن النصر وهو أبو العلاء المنقري، ومن خطباء بني صريم ابن الحارث الخزرج بن الصدى، ومن خطباء بني تميم، ثم من مقاعس عمارة بن أبي سليمان، ومن ولد مالك بن سعيد عبد الله وخير ابنا حبيب، ومن ولد مالك بن سعيد عبد الله، والعباس ابنا رؤبة، وكان العباس علامة عالما ناسبا راوية، وكان عبد الله أرجز الناس وأفصحهم، وكان يكنى أبا الشعثاء وهو العجاج، ومن خطباء هذيل أبو الليح الهذلي أسامة بن عمير، ومنهم أبو بكر الهذلي، كان خطيبا قاصا وعالما بينا، وعالما بالأخبار والآثار.
نامعلوم صفحہ