فاتحة
القديم والحديث1
الشعوبية1
العلم الصحيح1
علاقة العرب بالغرب1
ارتقاء العرب وانحطاطهم1
أعداء الإصلاح
تعليم اللغات1
اللغات الإفرنجية1
الحافظة والحفاظ1
نامعلوم صفحہ
الإنشاء والمنشئون1
الخطابة عند العرب
الخطابة عند الإفرنج
أصل المعتزلة1
أصل الوهابية1
دولة الأدب في حلب1 على عهد سيف الدولة بن حمدان
بين دمشق والقاهرة1
مدن العرب1
سماع الألحان1
شرف الموسيقى
نامعلوم صفحہ
الاستشفاء بالموسيقى1
الموسيقى الغربية
الاستقلال والاتكال1
الهجرة
الهجرة إلى مصر1
التفاضل بالبلاد
النزلاء المسلمون1
غوطة دمشق1
شبه جزيرة كليبولي
جبال طوروس
نامعلوم صفحہ
على قبر أبي الفدا في حماة1
نحن والمسكرات1
المآدب والإسراف1
التمدن الأنثوي1
تكريم النزاهة1
الحاج مصطفى حولا1
المستشرقون ومؤتمرهم1
الألقاب العلمية1
التمييز في الألبسة1
السلطتان1
نامعلوم صفحہ
حرية الأمم1
صلاح الدين ومدونو سيرته
سيرة صلاح الدين
مصطفى كامل1
النبوغ المصري1
فاتحة
القديم والحديث1
الشعوبية1
العلم الصحيح1
علاقة العرب بالغرب1
نامعلوم صفحہ
ارتقاء العرب وانحطاطهم1
أعداء الإصلاح
تعليم اللغات1
اللغات الإفرنجية1
الحافظة والحفاظ1
الإنشاء والمنشئون1
الخطابة عند العرب
الخطابة عند الإفرنج
أصل المعتزلة1
أصل الوهابية1
نامعلوم صفحہ
دولة الأدب في حلب1 على عهد سيف الدولة بن حمدان
بين دمشق والقاهرة1
مدن العرب1
سماع الألحان1
شرف الموسيقى
الاستشفاء بالموسيقى1
الموسيقى الغربية
الاستقلال والاتكال1
الهجرة
الهجرة إلى مصر1
نامعلوم صفحہ
التفاضل بالبلاد
النزلاء المسلمون1
غوطة دمشق1
شبه جزيرة كليبولي
جبال طوروس
على قبر أبي الفدا في حماة1
نحن والمسكرات1
المآدب والإسراف1
التمدن الأنثوي1
تكريم النزاهة1
نامعلوم صفحہ
الحاج مصطفى حولا1
المستشرقون ومؤتمرهم1
الألقاب العلمية1
التمييز في الألبسة1
السلطتان1
حرية الأمم1
صلاح الدين ومدونو سيرته
سيرة صلاح الدين
مصطفى كامل1
النبوغ المصري1
نامعلوم صفحہ
القديم والحديث
القديم والحديث
تأليف
محمد كرد علي
فاتحة
بسم الله وبه الثقة
دعوت منذ بدأت بالاشتغال في الصحافة العربية سنة 1315ه إلى نبث دفائن المدنية العربية، وبث خزائن الحضارة الغربية، وأبرزت هذه الدعوة فيما نشرته في جميع الصحف والمجلات التي أنشأتها وآزرتها في مصر والشام من موضوعات في العلم والاجتماع، والتاريخ والأدب، والنقد والتربية، وها أنا ذا أهدي لقراء العربية نموذجات مما كتبت، عسى أن يكون منها لهم في عصر القوميات عبرة وذكرى، ولبنيهم وبناتهم في تأليف وحدتنا الاجتماعية درس وسلوى، فمفاتيح كنوز الأجداد التي انتقلت إلى النشء بالإرث الصحيح لا غنية لهم عن معالجتها بالفتح؛ لاستمالة ما فيها والاستظهار بمعنوياتها، ثم بمادياتها؛ لأن هذا الحاضر الذي يحاول بعضهم الاقتصار عليه هو ربيب ذاك الغابر ووليده، بل سليله وحفيده وطريده، والجمود على القديم هو العقم بعينه، وقطع الصلة مع المدينة الحديثة، مضرة ومعرة. ولا خير فيمن جهلت أصوله، ولم يتخلق بأخلاق جيله وقبيله، والله الموفق سبحانه .
محمد كرد علي
دمشق 6 جمادى الأولى 1343 / 2 كانون الأول 1924
القديم والحديث1
نامعلوم صفحہ
لم يأت على هذه الأمة دور مثل هذا اشتد فيه النزاع بين القديم والحديث، وانهزم القديم بضعف القائمين به، وقوة أنصار الحديث، عنينا بذلك أرباب التقليد، ممن يرون السعادة في الاكتفاء بما تعلموه من آبائهم، وورثوه عن أجدادهم من العلوم والآداب، ويعدون ما عداها ضررا يجب البعد عنه ومحاربته بكل وسيلة، كما عنينا أرباب التجديد الذين يزعمون أن الاكتفاء بعلوم أهل الحضارة الحديثة وحدها كافية في رفع شأننا.
نشأت للأمة ناشئة بعد أن كثر احتكاكنا بأوروبا في أواسط القرن الماضي. عادت القديم معاداة خرجت فيها عن طور التعقل، وذلك نكاية بما رأته من دعاة ذاك القديم، وأكثرهم مثال الجمود والبلاهة، ونموذج الفساد وسوء التربية، فقامت تزهد فيهم وفيما يدعون إليه، تحمل عليهم حملاتها، وتتحامل عليهم بتحملاتها، وكذلك كان شأن أنصار القديم مع دعاة الحديث، يرمونهم بكل كبيرة، ويسلبونهم كل فضيلة، ويطعنون بعلومهم إلا قليلا، ويعدون النافع منها مما لا يضر ولا ينفع.
لا خلاف في أن ملكة الدين والآداب ضعفت في البلاد الإسلامية لضعف حكوماتها، والعامل الرئيسي في كل البلاد هو السياسة، إذا ضعفت يتبعها كل شيء، فجهل الحكام والملوك منذ نحو ألف سنة، هو الذي رفع شأن المنافقين من العلماء الرسميين، فصار العلم الديني يتعلمه المرء لا لينال السعادتين ويكون عضوا مهما في جسم المدينة الفاضلة، بل ليخدم به أغراض أمراء السوء، ويستولي على عقول العامة، وتقبل يداه ويكرم بالباطل، وهذا ما حدا حجة الإسلام الغزالي، وأضرابه في عصره وبعده، أن ينحوا على فقهاء السوء إنحاءهم على أمراء السوء؛ لأنهم يتعلمون علوم الفقه والفتيا؛ ليتقربوا بها فقط من السلاطين، ويجعلوا من الدين سلاحا يقاتلون به من يناصبهم في شهواتهم وأهوائهم. ولقد فضل الغزالي في الإحياء وتهافت الفلاسفة من يتعلمون الطب على الفقهاء، وقال: إن من يقولون إن علوم الدنيا تنافي الدين يجني على الدين.
شغلت الأمة زمنا بنفسها، فضعفت ملكاتها، وكانت الحروب الصليبية وغارات التاتار من العوامل المنهكة لقواها، ثم قام ملوك الطوائف وفرقوا الشمل بعد اجتماعه، إلى أن جاءت الدولة العثمانية وهي تاتارية لا تقيم للمدنية وزنا، ولا تعرف لعلوم العمران لفظا ولا معنى، قوتها بجندها، وعلمها في إرهاف حدها، وعظمتها ببطشها، ومجدها باكتساح البلاد، وإخضاع النفوس لسطوتها، فحاول محمد الفاتح أحد ملوكها أن يجعل من القسطنطينية دار علم، كما هي دار ملك؛ مجاراة لدولة الجراكسة في مصر والشام، وأعظم لذلك الأعطيات والهبات، وأنشأ المدارس وحبس الأوقاف، ولكن ذلك لم يدم إلا بدوامه، حتى إذا مضى لسبيله عادت الحكومة إلى زهدها في العلوم، وقد صارت رسمية على عهد المفتي أبي السعود الذي سعى لجعل العلم وراثيا، وصار ابن العالم يرث أباه ووظائفه ورواتبه، وإن كان أجهل من قاضي جبل. وعالم هذه حاله هو الجناية الكبرى على الدين والدنيا، والبلاء العمم على البلاد.
ومع أن الفرس والترك سواء في العجمة، فالفرس أقدر من الترك على تلقف اللغة العربية منذ القديم. والعربية لغة الدين لا يبرز في علومه من لم يتعلمها، ولا يفهم الكتاب والسنة من لم يحكم بيانها. وما تراه من حال علماء فارس اليوم وإتقانهم العربية، وارتقاء علومهم الشرعية، وانحطاط العربية في بلاد الترك، وضعف ملكة العلوم الدينية فيها، لا يرجع إلا إلى أن ميل أبناء فارس إلى إحكام العربية قديم فيهم، وأن الترك بأمرائهم المتبربرين جمدوا على فروع قليلة من الفقه والكلام، وزهدوا فيما عداها، فجنوا على البلاد جناية كبرى.
ولما أرادت الدولة أن تنهض وتتشبه بأوروبا، وأخذت على عهد سليم الثالث تتعلم فنون الحرب والبحر والسياسة، وما ينبغي لها من الطبيعة والرياضة والاجتماع، أخذت روح التفلسف تسري إلى الآستانة، ومنها سرت إلى الولايات ومصر. فلم يعبأ أنصار القديم بما رأوه أولا، واحتقروا ذاك السيل الجارف الآتي عليهم من أوروبا، وارتأى بعضهم أن خير ما يقابل به المتزندقون أن يكفروا أو يحرموا أو يضربوا، أو يحبسوا أو يهددوا بالقتل أو يقتلوا، ولم يعدوا لذلك من العدد اللازمة لبث دعوتهم، وحفظ ملكة الدين في القلوب، لتسير مع علوم الدنيا كتفا إلى كتف، وجاءت أدوار أصبح الوزراء وولاة الأمر إلا قليلا من الطائفة التي نزعت ربقة القديم، فلم يبق عليها إلا اسمه، بل كان بعض المتطرفين في انحلالهم يدعون سرا وجهرا إلى عدم التأدب بآداب الدين، محتجين بما هو ماثل للعيان من فساد القائمين عليه، وانحطاط المنتسبين إليه.
وها قد أصبحنا بعد هذا النزاع بين علوم الدين والدنيا والأمة شطرين، شطر هو إلى البلاهة والغباوة، وشطر إلى الحمق والنفرة، وبعبارة أخرى نسينا القديم ولم نتعلم الجديد، ومن الغريب أن معظم المستنيرين بقبس العلوم الأوروبية منا لا يرجعون إلى آداب دينهم، ويميلون في الظاهر والباطن إلى أن يكون الدين فقط جامعة تجمع الأمة على مثال الجامعات السياسية والجنسية، وإذا سألتهم عن الحلال والحرام وعما شرعته الأديان، صعروا إليك خدودهم وقالوا لك: إن الأمة تعيش بحديثها دون قديمها، وإن ذاك القديم إن لم يضرنا الأخذ به فهو لا ينفعنا، والعاقل لا يقبل إلا على ما ينفعه ويعلي قدره.
تلك هي شنشنة أنصار الحديث أو الملاحدة والزنادقة الطبيعيين، كما يطلق عليهم المتدينون، وهذه حالة هؤلاء مع أولئك، وستكون الغلبة لأنصار الحديث إذا لم يقم خصومهم بلم شعثهم على صورة معقولة مقبولة، وبين هذين الفريقين فريق ثالث اختار التوسط بينهما، فلم ير طرح القديم كله، ولا الأخذ بالحديث بجملته، بل آثر أن يأخذ النافع من كل شيء ويضم شتاته، وهذا الفريق المعتدل على قلته لا يقاومه العقلاء من أهل الفريقين الآخرين مقاومة فعلية، وعامتهما غير راضين عنهم بالطبع؛ لأن أكثر الناس يحبون أن تكون معهم أو عليهم ولا وسط بين ذلك.
ولقد كتب إلينا أحد علماء المشرقيات في برلين وهو ممن طافوا بلاد الشرق وسكنوا فيه زمنا، وانقطعوا لدرس أحواله الاجتماعية وعلومه الإرثية، كتابا بالعربية يصف فيه المقتبس، وما يجب للمسلمين أن يقوموا به لقيام أمرهم بعد ذاك السبات الطويل قال فيه:
أما الرسائل التي هي لبها «المجلة» فرأيتها تدور أبدا على حث الناس على درس العلوم المدنية، التي تركت في العالم الشرقي منذ نحو خمسمائة سنة، واقتباس الآثار الإفرنجية الحديثة فيها وإحياء الآداب العربية، وهذا مطابق بحسب اختباري للطريقة الصحيحة لسعادة الأمم؛ إذ لا فائدة من تقليد الأجانب وحده، ولا فائدة من التناغي فقط بالآثار الشعبية «الوطنية» وحده، بل الخير كل الخير في الأخذ من هنا وهناك، وتعميم الدرس، والبحث مع إضرام تلك الشعلة العظيمة التي هي ذات نور، وذات حرارة، وذات إنبات؛ وأعني بها المبدأ الشعبي، ولنا أن نسميه الشعوبية على شرط أن نجرده من الرائحة غير المقبولة.
نامعلوم صفحہ
اجتهد الإسلام والنصرانية أن ينشئا جمعية تقوم بالدين وحده؛ ليكون أهل الشهادة بذلك الدين ظاهرين على الدين كله إلا أنهما فشلا. ولقد تنبأ بعض المسلمين بأن الجامعة الإسلامية التي ستكون في أواخر هذه السنة، لن تأتي بما يرجوه أكثرهم من تقوية عروة الدين، بل ستقوي الأحزاب الشعبية، وربما يتسع الخرق بين الجماعات من جهة المذهب الديني. أما أنا فأقول: إن تقوية روابط المسلمين مع من حولهم من غير المسلمين المبنية على وحدة التربية والأخلاق والعادات، وعلى وحدة اللسان، لا تخلو حقيقة من تقوية الدين نفسه؛ لأن هذا الاجتماع من شأنه أن يدعو إلى نمو عامة التقوى، فيزيد من له ميل إلى الحياة الدينية اعتقادا وعملا، كما يزيد من له ميل إلى غير الدين قوة فيما اختاره؛ وعلى هذا فمن مصلحة كل دين أن يكون نصف منتحليه مجتهدين مخلصين، أكثر من أن يكون الجميع فاترين غير مكثرين بشيء. ا.ه.
هذا ما كتب لنا به العالم الغربي الشرقي منذ أشهر، نشرناه ليطلع عليه أنصار القديم والحديث، فيعلم الجامدون على مسطور القديم ألا قيام لأمرنا بغير الأخذ من مدنية أوروبا، ويدرك أنصار الحديث بأن هذه المدنية الجديدة التي بهرتهم بزخارفها وسفاسفها، لا تنفعهم وتنفع بني قومهم إلا إذا رافقها ما يجملها من علوم الأسلاف وآدابهم، والأمة التي تنزع ربقة قديمها جملة واحدة، وتنتقل إلى طور آخر دفعة، قد ينعكس عليها الأمر ويلتوي عليها القصد، ولم تنجح اليابان إلا لكونها اقتبست المدنية الغربية ومزجتها بأجزاء مدنيتها؛ وهذا سر قول العالم المشار إليه: «لا فائدة من تقليد الأجانب وحده، ولا فائدة من التناغي فقط بالآثار الشعبية»؛ أي ما ورثناه عن أجدادنا من التشبث بأهداب الوطنية، وذكر القديم والحرص عليه.
ولنا في الغرب دولتان كبريان، هما مثال في اقتباس الجديد والحرص على القديم، فقد شهدنا ألمانيا إلى اليوم تجري في مدارسها وكلياتها على آداب النصرانية المنقحة، فلا تسند التدريس فيها إلا لرجل عرفت ترجمته وحياته؛ مخافة أن يفسد عليها تربية أبنائها فتكون مدنية دينية، أما فرنسا فناهضت الدين منذ زهاء مائة سنة، وزادت مناهضتها له في السنين الأخيرة، حتى نزعت لفظ الجلالة من المعاهد العامة، وأخذت تضيق الخناق على أهل التدين من حملة العلم والأقلام، حتى صار المتدين سرا يتجاهر بالانحلال جهرا؛ ليأمن على معاشه ورزقه، وسموا هذا حرية، ولكن الله يحصي على الأمم ذنوبها كما لا يغفل عن الأفراد، وها قد أخذت المدنية الإفرنسية التي بهرت العيون في الزمن الماضي، ترجع القهقرى وعلماء الأخلاق فيها يبكون دما على انبتات شملهم وتراجع عمرانهم، حتى روى بعض الإحصائيين أن عدد الفرنسيس سينزل في أواخر القرن العشرين إلى ثلاثة ملايين؛ لأن المواليد أخذت تنقص عن الوفيات. أما في ألمانيا فبفضل التربية الدينية والحرص على الأخلاق قبل الحرص على تلقين العلوم، فإن النفوس تتزايد سنة عن سنة، بحيث خيف من تكاثر نسلهم على البلاد المجاورة لهم مع ما هم عليه من المدنية الصحيحة، والعلم بالصناعات والفنون. ولا غرو؛ فإن من خلق الألماني أن يترك من القديم كل ما لا ينفع منه، أما الفرنسوي فيجرف منه النافع مع الضار، وشتان بين الخلقين والمدنيتين، وها هي النتيجة قد ظهرت للعيان مذ الآن.
وبعد، فإن كل عاقل عرف تاريخ هذه الأمة، يرى الخير كل الخير في احتفاظها بقديمها، وضم كل ما ينفع من هذا الجديد، على أن تكون للدين والعلم حريتهما، فتكون المعتقدات بمأمن من طعن الطاعنين بها، كما تجري المدنية على الشوط الذي يراه، وإذا رأى بعضهم في بعض المعتقدات ما لا ينطبق على روح الحضارة والعلوم العصرية، فالأولى أن يطبقوا العقل على النقل، كما هو رأي كبار علماء الإسلام منذ القديم، وإذا عجزت عقولهم عن ذلك فالأجدر بهم أن يأخذوا بعض القضايا بالتسليم، ويتركوا العالم حرا يسير وحده دون أن يعوقه عائق، وما نخال كل عاقل إلا ويعتقد أن صحيح النقل لا يخالف صريح العقل والله أعلم.
الشعوبية1
يقوى تفاخر كل عنصر بعنصرهم، وأهل كل جنس بجنسهم، كلما كانوا أقرب إلى الهمجية والعصبية الجاهلية، جاء الإسلام فكان من أعظم إصلاحه، إسقاط دعوى الجنسيات، أو القضاء على التفاخر بالآباء والأجداد، فساوى بين العربي والفارسي والأحمر والأصفر والأبيض والأسود، وكانت قاعدته العامة ألا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى.
والظاهر أن دعوة الشعوبية؛ أي عدم الاستعداد بالعرب وتفضيل العجم عليهم، دخلت بدخول أجيال كثيرة من الفرس والترك والنبط في خدمة الدولة الإسلامية، فنشأت منها العداوات بين العرب أهل الدولة وبين العجم، كما كانت تنشأ في هذه البلاد بين تركي وعربي كلما اشتد الأول في إرهاق الثاني.
سألنا أستاذنا الشيخ طاهر الجزائري عن الشعوبية، فكتب إلينا ما يأتي: «أما الزمن الذي ظهرت فيه الشعوبية فلا يحضرني فيه شيء. والوقوف على أوائل الأشياء من أصعب المسائل وأدقها، إلا أن الذي ظهر لي أن ذلك حدث بعيد عصر الخلفاء الراشدين؛ لوجود الداعي إلى ذلك وهو التفاخر بالجنس، الذي هو من عادات الجاهلية التي أتى الدين بإبطالها، ومن نظر لمنزلة سلمان الفارسي، وصهيب الرومي، وبلال الحبشي في أوائل الأمة، زال عنه الشك في هذه المسألة، ولا يدخل في هذا الأمر بحث المؤرخ عن خصائص الأجناس، مما يقصد به الوقوف على الحقائق، فإن هذا نوع آخر، إلا أن من بحث عن أحوال الأمم ووفى النظر حقه، تبين له أن العرب في الجملة لا تساميهم أمة البتة.
وأظن أن لا بد أن تؤلف بعد حين كتب في خصائص الأمم، وكتب في خصائص البلاد، كما ألفت كتب في خصائص اللغات، وتجعل من الفنون التي يعنى بها، وتميز من غيرها، ولا تذكر بطريق العرض ، إلا أن فن خصائص الأمم تتيسر المشاغبة فيه والمغالطة أكثر من غيره، وكل فن وضعت مقدماته ونقحت مسائله يبدو بسرعة عوار المغالط فيه. هذا وكما حدث بعد عصر الخلفاء أمر المفاضلة بين العرب والعجم، حدث أمر المفاضلة بين العدنانية والقحطانية، وهما الفريقان اللذان يجمعهما اسم العرب، ونشأ بسبب ذلك من الفتن ما يعرفه المولع بالأخبار، ولم يزل أثر ذلك باقيا في بعض الجهات إلى ما قبيل عصرنا، وقد رأيت في بعض البلاد أناسا يقولون إلى الآن: نحن قيسية، وآخرين يقولون: نحن يمانية.»
هذا ما قاله أستاذنا، وفيه من كشف الغامض ما لم نظفر به في كتاب. والشعوبي بالضم محتقر أمر العرب، قال ابن منظور: وقد غلبت الشعوب بلفظ الجمع على جيل العجم، حتى قيل لمحتقر أمر العرب شعوبي، أضافوا إلى الجمع لغلبته على الجيل الواحد، كقولهم أنصاري، وهم الشعوبية، وهم فرقة لا تفضل العرب على العجم، ولا ترى لهم فضلا على غيرهم. وأما الذي في حديث مسروق: أن رجلا من الشعوب أسلم، فكانت تؤخذ منه الجزية، فأمر عمر ألا تؤخذ منه، قال ابن الأثير: الشعوب ههنا العجم، ووجهه أن الشعب ما تشعب من قبائل العرب أو العجم، فخص بأحدهما، ويجوز أن يكون جمع الشعوبي؛ كقولهم اليهود والمجوس في جمع اليهودي والمجوسي.
نامعلوم صفحہ
قال شارح المفصل في شرح قول الزمخشري: «الله أحمد على أن جعلني من علماء العربية، وجبلني على الغضب للعرب وللعصبية، وأبى لي أن أنفرد عن صميم أنصارهم وأمتاز، وأنضوي إلى لفيف الشعوبية وأنحاز.» والشعوبية مصدر الشعوبي بضم الشين، وهو الذي يصغر شأن العرب، ولا يرى لهم على العجم فضلا، إذ الفضل بالتقوى وهو منسوب إلى قوله تعالى:
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم . وقال ابن الحاجب في شرح المفصل أيضا: والشعوبية بضم الشين، قوم متعصبون على العرب، مفضلون عليهم العجم، وإن كان الشعوب جيل العجم إلا أنه غلبت النسبة إليه لهذا القبيل، ويقال: إن منهم معمر بن المثنى، وله كتاب في مثالب العرب، وقد أنشد بعض الشعوبية للصاحب بن عباد يمدحه:
غنينا بالطبول عن الطلول
وعن عنس عذافرة ذمول
فلست بتارك إيوان كسرى
لتوضح أو لحومل فالدخول
وضب بالفلا ساع وذئب
بها يعوي وليث وسط غيل
إذا نحروا فذلك يوم عيد
وإن ذبحوا ففي عرس جليل
نامعلوم صفحہ
يسلون السيوف لرأس ضب
هراشا بالغداة وبالأصيل
بأية رتبة قدمتموها
على ذي الأصل والشرف الأصيل
أما لو لم يكن للفرس إلا
نجار الصاحب العدل الجليل
لكان لهم بذلك خير عز
وجيلهم بذلك خير جيل
فقال له الصاحب: قدك. ثم قال لبديع الزمان: أجبه، فأجابه مرتجلا:
أراك على شفا خطر مهول
نامعلوم صفحہ
بما أودعت رأسك من فضول
طلبت على مكارمنا دليلا
متى احتاج النهار إلى دليل
ألسنا الضاربين جزى عليكم
فإن الجزي أقعد بالذليل
متى قرع المنابر فارسي
متى عرف الأغر من الحجول
متى علقت وأنت بها زعيم
أكف الفرس أعراف الخيول
فخرت بملء ماضغتيك فخرا
نامعلوم صفحہ
على قحطان والبيت الأصيل
فخرت بأن مأكولا ولبسا
وذلك فخر ربات الحجول
تفاخرهن في خد أسيل
وضرع من مفارقة وسيل
فقال الصاحب للشعوبي: كيف ترى؟ فقال: لو سمعت ما صدقت. ثم قال له: جائزتك جوازك. إن وجدتك بعدها في مملكتي ضربت عنقك.
وفد النعمان بن المنذر على كسرى، فوجد عنده وفود الروم والهند والصين، فذكروا من ملوكهم وبلادهم، فافتخر النعمان بالعرب، وفضلهم على جميع الأمم لا يستثني فارسا ولا غيرهم، فقال كسرى وأخذته عزة الملك: يا نعمان، لقد فكرت في أمر العرب وغيرهم من الأمم، فرأيت الروم كذا، ووصف من حالهم وجعل يثني عليهم، ورأيت الهند التي لها كذا وكذا، ثم قال مثل ذلك في الترك والخزر والصين، متى ذكر قبيلة أثنى عليها ووصف ما يفتخرون به، ثم قال: ولم أر للعرب شيئا من خصال الخير، وجعل يصف شأنهم وهو يحقرهم ويصغرهم، فقال النعمان: أصلح الله الملك، وجعل يثني عليه، ثم قال: ألا إن عندي جوابا في كل ما نطق به الملك في غير رد عليه ولا تكذيب له، فإن أمنني من غضبه نطقت به. قال كسرى: فأنت آمن، فقال النعمان: أما أمتك أيها الملك فليست تنازع في الفضل؛ لموضعها الذي هي به في عقولها وأحلامها، وبسطة محلها، وبحبوحة عزها، وما أكرمها الله به من ولاية آبائك وولايتك. وأما الأمم التي ذكرت فأي أمة تقرنها بالعرب إلا فضلتها. قال كسرى: بماذا؟ قال النعمان: بعزها ومنعتها، وحسن وجوهها، ودينها وبأسها وسخائها، وحكمة ألسنها، وشدة عقولها وأنفتها ووفائها؛ فأما عزها ومنعتها فإنها لم تزل مجاورة لآبائك الذين دوخوا البلاد، ووطدوا الملك وقادوا الجنود، لم يطمع فيهم طامع، ولم ينلهم نائل، حصونهم ظهور خيولهم، مهادهم الأرض، وسقفهم السماء، وجنتهم السيوف، وعدتهم الصبر، إذ غيرها من الأمم إنما عزها الحجارة والطين وجزائر البحور.
وأما حسن وجوهها وألوانها، فقد تعرف فضلهم في ذلك على غيرهم من الهند المتحرقة، والصين المحتتمة، والترك المشوهة، والروم المقشرة. وأما أحسابها وأنسابها، فليست أمة من الأمم إلا وقد جهلت آباءها وأصولها وكثيرا من أولها وآخرها، حتى إن أحدهم يسأل عما وراء أبيه دنيا فلا ينسبه ولا يعرفه، وليس أحد من العرب إلا يسمي آباءه أبا أبا، حفظوا بذلك أحسابهم، وضبطوا به أنسابهم، فلا يدخل رجل في غير قومه، ولا ينتسب إلى غير نسبه، ولا يدعى إلى غير أبيه. وأما سخاؤها فإن أدناهم رجلا الذي يكون عنده البكرة أو الناب عليها بلاغه في حمولته وشبعه وريه، فيطرقه الطارق الذي يكتفي بالفلذة ويجتزئ بالشربة، فيعقرها له ويرضى أن يخرج له من دنياه كلها فيما يكسبه حسن الأحدوثة وطيب الثناء.
وأما حكمة ألسنتها فإن الله أعطاهم في أشعارهم ورونق كلامهم وحسنه ووزنه وقوافيه، مع معرفتهم بالإشارة، وضرب الأمثال، وإبلاغهم في الصفات ما ليس لشيء من ألسنة الأجناس؛ ثم خيلهم أفضل الخيول، ونساؤهم أعف النساء، ولباسهم أفضل اللباس، ومعادنهم الذهب والفضة والحجارة، جبالهم الجزع، ومطاياهم التي لا يبعد عن مثلها سفر، ولا يقطع بمثلها بلد قفر.
وأما دينها وشريعتها فإنهم متمسكون بها حتى يبلغ أحدهم من تمسكه بدينه، أن لهم أشهرا حرما وبلدا حراما، وبيتا محجوجا ينسكون فيه مناسكهم ويذبحون ذبائحهم، فيلقى الرجل قاتل أبيه أو أخيه وهو قادر على أخذ ثأره وإدراك دمه، فيحجزه كرمه، ويمنعه دينه عن تناوله بالأذى. وأما وفاؤها فإن أحدهم يلحظ اللحظة ويومي الإيماء، فهي إلب وعقد لا يحلهما إلا خروج نفسه، وإن أحدهم ليرفع عودا من الأرض، فيكون رهنا بدينه، فلا يغلق رهنه، ولا تخفر ذمته، وإن أحدهم ليبلغه أن رجلا استجار به، وعسى أن يكون نائيا عن داره، فيصاب، فلا يرضى حتى تفنى تلك القبيلة التي أصابته، أو تفنى قبيلته؛ لما خفر من جواره، وإنه ليلجأ إليهم المجرم المحروب من غير معرفة ولا قرابة، فتكون أنفسهم دون نفسه، وأموالهم دون ماله. وأما قولك أيها الملك إنهم يئدون أولادهم من الحاجة، فإنما يفعله من يفعله منهم بالإناث أنفة من العار، وغيرة من الأزواج. وأما تحاربهم وأكل بعضهم بعضا وتركهم الانقياد لرجل يسوسهم ويجمعهم، فإنما يفعل ذلك من يفعله من الأمم، إذا آنست من نفسها ضعفا، وتخوفت نهوض عدوها إليها بالزحف، وإنه إنما يكون في المملكة العظيمة أهل بيت واحد يعرف فضلهم على سائرهم، فيلقون إليهم أمورهم وينقادون إليهم بأزمتهم.
نامعلوم صفحہ
فأما العرب فإن ذلك كثير فيهم حتى لقد حاولوا أن يكونوا ملوكا أجمعين، مع أنفتهم من أداء الخراج والوطء والعسف. فعجب كسرى مما أجابه النعمان به، وقال: إنك لأهل لموضعك من الرياسة في إقليمك ولما هو أفضل. ثم كساه من كسوته وسرحه إلى موضعه من الحيرة. فلما قدم النعمان الحيرة وفي نفسه ما فيها مما سمع من كسرى من تنقيص العرب وتهجين أمرهم، بعث إلى أكثم بن صيفي، وحاجب بن زرارة، وجماعة من رءوس العرب سماهم، فلما قدموا عليه في الخورنق قال لهم: قد عرفتم حال هذه الأعاجم وقرب جوار العرب منهم، وقد سمعت من كسرى مقالة أتخوف أن يكون لها غدر ... واقتص عليهم مقالة كسرى وما رد عليه فقالوا: وفقك الله أيها الملك، ما أحسن ما رددت عليه، وأبلغ ما حججته به! فمرنا بأمرك وادعنا إلى ما شئت. قال النعمان: إنما أنا رجل منكم ، وإنما ملكت وعززت بمكانكم، وبما يتخوف من ناحيتكم، وليس شيء أحب إلي مما سدد الله به أمركم وأصلح به شأنكم. والرأي أن تسيروا بجماعتكم أيها الرهط، وتنطلقوا بكتابي هذا إلى باب كسرى، فإذا دخلتم عليه نطق كل واحد منكم بما حضره؛ ليعلم أن العرب على غير ما ظن أو حدثته به نفسه. ووصاهم بوصايا، فذهبوا إليه. وقد ساق القصة صاحب العقد وأوردها البلوي في كتاب ألف با. •••
ومن حجة الشعوبية على العرب أن قالت: إنا ذهبنا إلى العدل والتسوية، وإن الناس كلهم من طينة واحدة، وسلالة رجل واحد، واحتججنا بقول النبي - عليه الصلاة والسلام: «المؤمنون إخوة تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم»، وقوله في حجة الوداع، وهي خطبته التي ودع فيها أمته وختم بها نبوته: «أيها الناس، إن الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية وفخرها بالآباء، كلكم لآدم وآدم من تراب، ليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى.» وهذا القول من النبي - عليه الصلاة والسلام - موافق لقول الله تعالى:
إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، فأبيتم إلا فخرا، وقلتم: لا تساوينا وإن تقدمتنا إلى الإسلام، ثم صليت حتى تصير كالحني، وصمت حتى تصير كأوتار. ونحن نسامحكم ونجيبكم إلى الفخر بالآباء الذي نهاكم عنه نبيكم
صلى الله عليه وسلم
إذا أبيتم إلا خلافه؛ وإنما نجيبكم إلى ذلك، لاتباع حديثه وما أمر به
صلى الله عليه وسلم ، فنرد عليكم حجتكم في المفاخرة ونقول: أخبرونا إن قالت لكم العجم: هل تعدون الفخر كله أن يكون ملكا أو نبوة، فإن زعمتم أنه ملك قالت لكم: وإن لنا ملوك الأرض كلها من الفراعنة والنماردة والعمالقة والأكاسرة والقياصرة، وهل ينبغي لأحد أن يكون له مثل ملك سليمان الذي سخرت له الإنس والجن والطير والريح، وإنما هو رجل منا، أم هل كان لأحد مثل ملك الإسكندر الذي ملك الأرض كلها وبلغ مطلع الشمس ومغربها، وبنى ردما من حديد ساوى به بين الصدفين، وسجن وراءه خلقا من الناس تربي على خلق الأرض كلها كثرة؛ لقول الله - عز وجل:
حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ، فليس شيء أدل على كثرة عددهم من هذا، أو ليس لأحد من ولد آدم مثل آثاره في الأرض، ولو لم يكن له إلا منارة الإسكندرية التي أسسها في قعر البحر، وجعل في رأسها مرآة يظهر البحر كله في زجاجتها. وكيف ومنا ملوك الهند الذين كتب أحدهم إلى عمر بن عبد العزيز: من ملك الأملاك الذي هو ابن ألف ملك، والذي تحته بنت ألف ملك، والذي في مربطه ألف فيل، والذي له نهران ينبتان العود والفوة والجوز والكافور، والذي يوجد ريحه على اثني عشر ميلا؛ إلى ملك العرب الذي لا يشرك بالله شيئا، أما بعد، فإني أردت أن تبعث إلي رجلا يعلمني الإسلام ويوقفني على حدوده والسلام.
وإن زعمتم أنه لا يكون الفخر إلا بنبوة، فإن منا الأنبياء والمرسلين قاطبة من لدن آدم ما خلا أربعة هودا، وصالحا، وإسماعيل، ومحمدا، ومنا المصطفون من العالمين: آدم ونوح، وهما العنصران اللذان تفرع منهما البشر، فنحن الأصل وأنتم الفرع، وإنما أنتم غصن من أغصاننا، فقولوا بعد هذا ما شئتم وادعوا.
ولم تزل للأمم كلها من الأعاجم في كل شق من الأرض ملوك تجمعها ومدائن تضمها، وأحكام تدين بها، وفلسفة تنتجها، وبدائع تفتقها في الأدوات والصناعات، مثل صنعة الديباج وهي أبدع صنعة، ولعب الشطرنج وهي أشرف لعبة، ورمانة القبان التي يوزن بها رطل واحد ومائة رطل، ومثل فلسفة الروم في ذات الخلق والقانون، والإسطرلاب الذي يعدل به النجوم، ودوران الأفلاك وعلم الكسوف. لم يكن للعرب ملك يجمع سوادها، ويضم قواصيها، ويقمع ظالمها، وينهى سفيهها، ولا كان لها قط نتيجة في صناعة، ولا أثر في فلسفة إلا ما كان من الشعر وقد شاركتها فيه العجم؛ وذلك أن للروم أشعارا عجيبة قائمة الوزن والعروض. فما الذي تفخر به العرب على العجم؛ فإنما هي كالذئاب العادية، والوحوش النافرة، يأكل بعضها بعضا، ويغير بعضها على بعض، فرجالها موثوقون في حلق الأسر، ونساؤها سبايا مردفات على حقائب الإبل ، فإذا أدركهن الصريخ استنقذن بالعشي، قال بجير، يعير العرب باختلافها في النسب واستلحاقها للأدعياء:
زعمتم بأن الهند أولاد خندف
نامعلوم صفحہ
وبينكم قربى وبين البرابر
وديلم من نسل ابن ضبة ناسل
وبرجان من أولاد عمرو بن عامر
فقد صار كل الناس أولاد واحد
وصاروا سواء في أصول العناصر
بنو الأصفر الأملاك أكرم منكم
وأولى بقربانا ملوك الأكاسر
أتطمع في صهري دعيا مجاهرا
ولم تر سترا عن دعي مجاهر
وتشتم لؤما رهطه وقبيله
نامعلوم صفحہ
وتمدح جهلا طاهرا وابن طاهر
وقال الحسن بن هانئ على مذهب الشعوبية:
وجاورت قوما ليس بيني وبينهم
أواصر إلا دعوة وبطون
إذا ما دعا باسمي العريف أجبته
إلى دعوة مما علي يهون
لأزد عمان بن الملهب نزوة
إذا افتخر الأقوام ثم تلين
وبكر يري أن النبوة أنزلت
على مسمع في البطن وهو جنين
نامعلوم صفحہ
وقالت تميم لا ترى أن واحدا
كأحنفنا حتى الممات يكون
فلا لمت قيسا بعدها في قتيبة
إذا افتخروا إن الحديث شجون
قال ابن قتيبة في كتاب تفضيل العرب: وأما أهل التسوية فإن منهم قوما أخذوا ظاهر بعض الكتاب والحديث، فقضوا به ولم يفتشوا عن معناه، فذهبوا إلى قوله عز وجل:
إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، وقوله:
إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ، وإلى قول النبي
صلى الله عليه وسلم
في خطبته في حجة الوداع: «أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية، وتفاخرها بالآباء. ليس لعربي على عجمي فخر إلا بالتقوى، كلكم لآدم وآدم من تراب»، وقوله: «المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم»، وإنما المعنى في هذا أن الناس كلهم من المؤمنين سواء في طريق الأحكام والمنزلة عند الله - عز وجل - والدار الآخرة، لو كان الناس كلهم سواء في أمور الدنيا، ليس لأحد فضل إلا بأمر الآخرة، لم يكن في الدنيا شريف ولا مشروف، ولا فاضل ولا مفضول. فما معنى قوله
صلى الله عليه وسلم : «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه»، وقوله
نامعلوم صفحہ