115

قدیم و حدیث

القديم والحديث

اصناف

وضع الطبيب المنوه به ست قواعد لاستعمال الموسيقى في شفاء الأمراض: أولها: أنه كلما كانت الموسيقى طبيعية وأعربت عن اللغة الطبيعية في الفكر تؤثر في النفوس كثيرا، ولا سيما في نفوس من لم يتعلموا التعليم الكافي، ثانيها: لما كان لكل بلاد أنغامها الخاصة بها، فإن الموسيقى تؤثر في الروح كلما قربت من هذه الأنغام، ثالثها: ينبغي أن تكون الموسيقى متناسبة مع درجة تأثير الموضوع، رابعها: ينبغي أن يحدث تأثير الموسيقى ببطء، فيبدأ مع السوداويين باستعمال ألحان يتدرج فيها من الخفيف إلى القوي، ويستعمل من الألحان الشديد أمام أصحاب النفوس الغضبية، خامسها: اختيار الآلات المستعملة للغاية التي تطلب، فصاحب المزاج السوداوي يرتاح لسماع الطبل والبوق ذي الأنبوبتين

Trombon

وكذلك المزمار والعود يناسبان مزاجه، سادسها: تطرب الموسيقى الطبقات العالية أكثر مما تؤثر في الطبقات النازلة.

ومن رأي هذا الطبيب أن الموسيقى تشفي صاحب السويداء، كما تزول بها الكآبة والحزن وتبعد الخوف. ولقد أجمع الفلاسفة على أن شيئين إذا عادلا ثالثا يكونان متعادلين، فإذا كانت الموسيقى نافعة في إزالة الكدر والسويداء، فالكدر والسويداء هما في الحقيقة شيء واحد، إن أبقراط حدد السويداء بأنها الكدر والحزن، وهنا أورد صاحب المقالة حوادث من التاريخ في أوروبا - ولا سيما في فرنسا - تدل على ما نفع من الأنغام في مداواة بعض الأسقام، ولا سيما الجنون والاختلال وداء النقطة.

ثم قال: إن الإسلام انتفع من تأثير الموسيقى لتحريض أشياع الحسين الشهيد على الجذب والتهيج؛ وذلك بقرع الطبول المتواتر على إيقاع متساوق سريع، فيردد الشيعة على نغم الطنبور ألحانا مقفاة، حتى ينتهي الحضور بأن لا يعودوا يتأثرون للضرب ولا للجرح، وكذلك الحال في دراويش الهند، فإنهم يستعملون كلمة واحدة، ويكثرون من ترديدها، فتؤدي بهم إلى الجذب مصحوبا بقلة التأثر.

وبعد أن أفاض في إيراد حوادث القدماء وأخبار عنايتهم بالموسيقى في شفاء بعض الأمراض، قال: إن مراد الرابع (1623) أثرت فيه الموسيقى، فعقد النية على أن يبقي على إخوته الذين كان ينوي إهراق دمهم، وأن فرنسيس الأول بعث إلى سليمان الثاني بجوق من الموسيقى، فلاحظ هذا أن شراسة خلقه لطفت بسماع ألحانهم، فأسف من جراء ذلك كثيرا، ولم يلبث أن طرد للحال جميع الموسيقيين من حضرته. وجملة القول: إن الموسيقى تؤثر في الدورة الدموية في الإنسان والحيوان، ويزيد بها حفظ الدم وينقص، وتتبع هذه التقلبات تأثير تهييج الأعصاب السمعية.

وإن آلات الطرب والصفير ليظهر فعلها بتحسن في تشنج القلب خاصة، وتغيير الدم الناتج من تأثير الموسيقى يناسب تحول التنفس، وإن كان يتجلى ذلك مستقلا عن تحول التنفس، يزيد الستركنين في تأثير التهييج السمعي في الدورة الدموية، والكلورال على العكس يضعفه، والألكحول والأفيون يضعفان أيضا تأثير التهييج السمعي في الدورة الدموية، وتغيير الدورة الدموية تابع لارتفاع الصوت وشدته، بل لارتفاع الجرس ونزوله، ولتغيير الدورة الدموية دخل كبير في ذاتية الحيوان والإنسان، ولا سيما في جنسية الإنسان وتابعيته.

وعلى من أرد الوقوف على تأثير الموسيقى في أحد أعضاء الجسم سليما كان أو سقيما أن يفرق بين العناصر التي ينبعث منها ذاك التأثير، فالهزج واللحن والإيقاع تؤثر تأثيرات مختلفة بحسب تركيبها وتلحينها.

وفي الختام نقول: إن الاستشفاء بالموسيقى قديم العهد، وقد ظل محتفظا بمكانته العلمية والعملية على حالة واحدة رغم اختلاف العصور.

الموسيقى الغربية

نامعلوم صفحہ