فكأنه اختزل بسبع كلمات مقالة شهيرة لهزال أميركي نسيت اسمه، ولم أنس عنوان مقاله
You will get me your education ، والكتاب حافل بمثل هذه الاقتباسات، بعضها ناجح، والبعض - كما ينتظر - فاشل، فهل نتهم نعيمة بأنه نشال إذا حاول عمدا أو بغير عمد أن يغني العربية بهذه التعابير، والأفكار الوهاجة؟ بل هل في وسع نعيمة - أو أي من الناس - تثقف بالإفرنجية، ولعله عاش ودرس وفكر إفرنجيا، أن يجلس إلى ورقة فيتعرى من ثقافته ودراسته، ويخترع كل كلمة وعبارة وفكر؟! وهل من الحكمة أن يفعل كذلك إذا هو قدر؟ وهل من العار أن جاءت الاقتباسات وهي تكاد تكون من مبتذلات اللغة الإفرنجية؟ إن ابن القاهرة لا ينقص من شهيته للعنب كون العنب فاكهة مبتذلة في لبنان.
أريد أن أهمس إليك: إنك إذا كنت تحسب مثل هذا التعريب أو الاقتباس، أو الأصح التفاعل سرقة، فأنا في «نخب العدو»«حرامي».
تسألني: ولماذا اخترت كتاب نعيمة في جبران، واقتطفت منه الأمثال، فهل سندشت
2
اسمك بين كوكبين؛ ليستضيء بلمعان جاريه فيراه الناس، أم لتتحدى المقابلة، فيذكر اسمك وجبران ونعيمة في نفس واحد؟ أجيب - ولك أن لا تصدقني - أن «جبران خليل جبران» هو الكتاب العربي الوحيد الذي قرأته خلال ما يزيد عن عقد من السنين، فكان من الطبيعي أن تجيء منه استشهاداتي، وأنا لا يقتصر تكسبي على الكتب بل أتعداه، فإني مولع بمطالعة المؤلف الذي له قدمان وعينان وأذنان، والذي اسمه إنسان . لم أجئ بهذا الاعتراف اعتذارا عن جريمة اقترفتها، بل لأوضح ما يجب أن يكون أشيع من البديهيات، وهو أن الاختراع الصرف الطاهر، يكاد يكون مستحيلا. ذكر دوماس - وقانا الله شر الاستشهادات - وقد عيروه بتهمة الاقتباس أن أول المقتبسين هو الله، إذ خلق الإنسان على شاكلته، ولم يبتدع رجلا جديدا. فلا يقومن غدا لئيم يتهمني باللصوصية، إذ حتم الصدق علي هذا الاعتراف، و«نخب العدو» بالمعنى الشائع هو مبتكرة حوادثها وحوارها، وكل شيء فيها. ولئن مررت بعبارة تلبس الثوب الإفرنجي، فتأكد أن روحها عربية مثل «لو أمطرت الدنيا دولارات، للبس وسيم مشمعا»، هذه عبارة لي، بعتها لمجلة بثلاثة دولارات. بل إني أندب الكثير من الأفكار والعبارات التي تتسرب إلي بالإفرنجية، ولا يمكنني تعريبها، إما لتلاعب لفظي، أو لفقدان بعض الكلمات والاصطلاحات في العربية، يحضرني من هذه العبارات قولي:
History is libre money, it sometimes spoils people to inherit too much of it ، فهذه عبارة عن تعريبها؛ لعدم وجود ما يقابل
Too
بالإنكليزية.
لم أذكر كل هذا لأدل باضطلاعي من الإنكليزية، أو لأوهمك أنني في تلك اللغة كاتب؛ بل لأني أشعر، وبعض العبارات تتبرقع بالإفرنجية، بظنك أن هذه العبارت منهوبة، وما حيلتي في تعريبها، وقد ولدتها إفرنجية؟
نامعلوم صفحہ