وجواب آخر عن التقسيم نقول ما المعنى بالمدة أهي عبارة عن أمر موجود أو عن تقدير موجود أم عن عدم بحت فإن كان أمرا موجودا محققا فهو من العالم فلا يكون قبل العالم وأيضا الموجود إما قايم بنفسه أو قايم بغيره وعلى الوجهين جميعا لا يمكن تقديره قبل العالم وإن كان أمرا مقدرا وجوده والتقديرات الوهمية تجويزات وليس كلما يجوزه العقل أو يقدره الوهم يمكن وجوده جملة حاصلة فإن وجود عالم آخر وكذلك إلى ما لا يتناهى مما يجوز يقدره الوهم وكذلك الأعداد التي لا تتناهى مما يقدره الوهم لا مما يجوزه العقل وبالجملة الجايزات كلها لا يمكن أن توجد جملة حاصلة فيكون ما لا يتناهى مما يحصره الوجود وذاك محال فعلم أن تقدير أزمنة غير متناهية لا يكون كالتحقيق وما يمكن وجوده جملة معا أو متعاقبا لا يمكن أن يكون مشحونا بما لا يتناهى وإن كانت المدة عبارة عن عدم بحت فلا يتناهى ولا لا يتناهى في عدم البحت.
وجواب آخر لم قلتم أن المدة لو كانت متناهية لتناهى وجود الباري تعالى فإن تناهي المدة كتناهي العالم مكانا وهو مصادرة على المطلوب الأول وتعبير عن محل النزاع ثم تناهي العالم مكانا ليس يقتضي تناهي ذات الباري تعالى لأنه لا مناسبة بينه وبين المكانيات والمكان كذلك تناهي العالم زمانا لا يقتضي تناهي وجود الباري تعالى لأنه لا مناسبة بينه وبين الزمانيات والزمان ولم قلتم أن المدة لو لم تكن متناهية في التقدير العقلي أمكن أن يوجد فيها موجودات في التحقيق الحسي.
شبهة أخرى قال ابن سينا حكاية عن أرسطاطاليس كل حادث عن عدم فإنه يسبقه إمكان الوجود ضرورة وإمكان الوجود ليس هو عدما محضا بل هو أمر ما له صلاحية الوجود والعدم ولن يتصور ذلك إلا في مادة فكل حادث فإنه يسبقه مادة ثم تلك المادة المتقدمة لا تتصور إلا في زمان لأن قبل ومع لا يتحقق إلا في زمان والمعدوم قبل هو المعدوم مع وليس الإمكان قبل هو الذي يقارن الوجود فهو إذا متقدم تقدما زمانيا والعالم لو كان حادثا عن عدم لتقدمه إمكان الوجود في مادة تقدما زمانيا فهو إما أن يتسلسل فهو باطل وإما أن يقف على حد لا يسبقه إمكان فلا يسبقه عدم فيكون واجبا بغيره وهو ما ذهبنا إليه وهذه الشبهة هي التي أوقعت المعتزلة في اعتقاد كون المعدوم شيئا وعن هذا قصروا الشيئية في الممكن وجوده لا المستحيل ثبوته.
صفحہ 12