أَقُول هَذَا بِنَاء مِنْهُ على قَاعِدَته الخبيثة أَن الْعَالم صور الْحق وَهُوَ على تَقْدِير تَسْلِيمه أَيْضا خطأ فَاحش بَيَانه على ذَلِك التَّقْدِير أَن الْحق ﷾ أَمر أَن يعبد من حَيْثُ اطلاقه لتشتمل الْعِبَادَة جَمِيع الصُّور
وَنهى أَن يعبد مُقَيّدا بِبَعْض الصُّور لِأَن فِيهَا ترك مَا سوى ذَلِك الْبَعْض مِمَّا لَا يتناهى كَثْرَة
فَظهر أَن فَوت الْخَيْر الْكثير إِنَّمَا هُوَ فِي التقيد لَا فِي الْإِطْلَاق وَالله تَعَالَى هُوَ الْحَكِيم الْخَبِير فِيمَا أَمر وَنهى على لِسَان أنبيائه
ونوح وَغَيره من الرُّسُل ﵈ إِنَّمَا نهوا عَن عبَادَة الصُّور والأشخاص وَأمرُوا بِعبَادة الْحق من حَيْثُ هُوَ الْحق ﴿وَمن يضلل الله فَمَا لَهُ من هاد﴾
وَقَوله أَي حكم إِن أَرَادَ الحكم بِمَعْنى الْأَمر فَمُسلم لَكِن لَا يُنَاسب مُرَاده مَا قبله وَمَا بعده وَإِن أَرَادَ الْقطع والجزم وَأَن لَا يَقع غَيره بِقَرِينَة مَا قبله وَمَا بعده فَهُوَ كذب إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك لما صَحَّ قَوْله تَعَالَى ﴿أَمر أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه﴾ بل قضى بِمَعْنى أَمر لِئَلَّا يتناقض الْإِتْيَان
ثمَّ قَالَ فَمَا عبد غير الله فِي كل معبود أَقُول لَو كَانَ كَذَلِك لما نهى عَن عبَادَة غير الله تَعَالَى وَلما صدق قَوْله ﴿وَلَا أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أعبد﴾ فَتَأمل وَالله تَعَالَى الْهَادِي
وَمَا بعد ذَلِك ظَاهر على قَاعِدَته الخبيثة
1 / 49