نظریہ تطور اور انسان کی اصل
نظرية التطور وأصل الإنسان
اصناف
وقد لا يكون التنازع مباشرا - كما قلنا - وإنما يبلغ صداه الحي فيؤثر فيه؛ فقد ضرب داروين مثلا عن علاقة البرسيم بالقطط، وقال إنه يكثر إذا كثرت القطط؛ لأن القطط تأكل الجرذان، فلو انقرضت لأكلت الجرذان حقولنا، وخير طريقة نزيل بها الثعابين من المنازل أن نقتل ما فيها من جرذان؛ فالتنازع بيننا وبين الثعابين ليس مباشرا، وإنما يبلغها صداه بقتل الجرذان.
ونحن نقاتل جراثيم الملاريا ونمنع نموها بقتل البعوض الذي تعيش في جسمه، وديدان البلهارسيا لا بد أن تقضي مدة من حياتها في جسم قوقعة تعيش في قنواتنا، فلو أبيدت هذه القواقع لبادت هي أيضا، والدودة الوحيدة التي نصاب بها أحيانا لا تعيش في أمعائنا إلا إذا عاشت قبلا في لحم البقر، فإذا انقرض البقر انقرضت هي أيضا.
ومعنى كل هذا أن تنازع البقاء لا يشترط فيه أن يكون كفاحا مباشرا بين اثنين، بل قد يكون سلسلة طويلة، حيث تتوقف حياة نوع على جملة أنواع أخرى.
ثم قد يكون تنازع البقاء دقيقا غامضا يتوقف على أشياء صغيرة لا نأبه لها، فإننا نعرف - مثلا - أن الإنكليز متغلبون على الهنود، فنتوهم من ذلك أن هذا تنازع بقاء قد فاز فيه الإنكليز وانهزم الهنود، ولكن الهندي يعيش الآن بحفنة من الذرة، والإنجليزي يحتاج إلى كميات كبيرة من الطعام لكي يتغذى منها جسمه، فلو حدث فجأة قحط وأصاب الاثنين لفاز الهندي؛ فإن قناته الهضمية قد ضربت على الطعام الجشب الحقير، وصارت كل ما فيه من غذاء، بخلاف الحال في الإنكليزي.
وقد نرى القطن والحسك فنظن أن القطن أرقى منه، يمكنه أن يتغلب عليه، وليس هذا هو الواقع؛ فإن الحسك يعيش في الصحراء في تربة رديئة مع قلة ماء، فتمتد جذوره بعيدة إلى حيث الرطوبة، فيقاوم بذلك جفاف الرمل وسخونته وحر الشمس، أما القطن فلا يمكنه أن يفعل ذلك، ولو قل الماء لمات القطن وعاش الحسك.
فتنازع البقاء هذا هو علة ظهور السلالات الجديدة ثم الأنواع الجديدة، فهو يستغل كل اختلاف في الفرد ليجعله سبيل بقائه أو هلاكه، والهلاك أكثر من البقاء؛ لأنه لا يتفوق إلا الأقلون.
وقد كانت تغيرات المناخ وظهور العصور الجليدية داعية إلى انقراض عدد هائل من الحيوان؛ مثل الزواحف الكبرى في اليابسة، ومحار الأمونيت في المياه.
ولكن، مع كل هذا الذي قلنا عن التنازع، يجب ألا ننسى أن التعاون بين الأحياء يؤدي في أحيان كثيرة ما يؤديه التنازع، بل ربما لا يقل عنه في تطور الأحياء.
وثبات في التطور
تمر الدهور المتطاولة على بعض الأمم فلا يظهر فيها زعيم أو عبقري، تنسل الآباء نسلهم فيخرجون على غرارهم؛ وجوههم مثل وجوههم، يتكلمون لغتهم ويعتادون عاداتهم، ثم يظهر فيهم فجأة عبقري أو زعيم فيقلب حال الأمة ويسومها السير في وجهات خاصة لم تكن تحلم بها.
نامعلوم صفحہ