وأوسطهم وآخرهم القدرة الباهرة، والمعجزة التامة، والبراهين الساطعة، والدلائل الواضحة، والعلوم الكاملة [و] ما اتبعهم أحد، [و] ما آمن بهم نفر ولصارت أمور الخلق داعية إلى البوار وذهاب الحرث والنسل.
وشاهد ذلك قول الله عز وجل: (فلله الحجة البالغة) (1) والحجة البالغة هي الرسل والأئمة عليهم السلام، الذين احتج الله تعالى بهم على الملائكة والجن والانس.
والحجة البالغة - فيما وصف الله تعالى من حجته - حجة لا تخلو من أن تكون بالغة من بعض الاحتجاج، وفوقها ما هو أبلغ منها وأتم وأكمل في كل الاحتجاج.
وأن تكون " بالغة " في كل الاحتجاج حتى لا يكون فوقها تام هو أتم منها.
ولاكمال هو أكمل من صفاتها، فان كانت بالغة في بعض الاحتجاج دون بعض.
وفوقها ما هو أتم وأكمل منها، فهي حجة ناقصة عن حدود التمام والكمال.
ثم لا يخلو الحكيم القادر عز وجل من أن يكون قادرا على الاحتجاج على خلقه في الأتم والأبلغ والأكمل ، أو أن يكون غير قادر على ذلك، فإن كان غير قادر - ونعوذ بالله من هذا القول - لزم أن يكون مخصوص القدرة، ومعتل الحكمة، فيكون قادرا على الشئ عاجزا عن غيره، حكيما في شئ غير حكيم في غيره.
وهذه صفات خارجة عن (2) صفات أفعال الحكيم، لأنها كلها توجب الاضطرار فيما عجز عنه وغفل عن الحكمة فيه، ولا يوجب هذا ممن أقر بالصانع القديم إلا جاهل عمي، وغافل غوي.
فإن كان قادرا على الاحتجاج بالأتم والأكمل لزم في حكم الحكمة وتمام القدرة أن يحتج على خلقه بكمال حجة، وتمام دعوة.
وقوله (3): (فلله الحجة البالغة) يوجب أنه ليس فوقها أبلغ ولا أتم ولا أكمل
صفحہ 10